تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن خطب قطري بن الفجاءة خطبته المشهورة في ذم الدنيا والتحذير عنها، وهي: أما بعد. فإني أحذركم الدنيا، فإنها حلوة خضرة، حفت بالشهوات، وراقت بالقليل وتحببت بالعاجلة، وحليت بالآمال، وتزينت بالغرور. لا تدوم نصرتها، ولا تؤمن فجعتها. غرارة، ضرارة، وخاتلة، زائلة ونافذة، بائدة، أكالة، غوالة. لا تعدو إذ تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا عنها أن تكون كما قال الله تعالى " كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً " مع أن أمراً لم يكن منها في حبرة، لغا أعقبته بعدها عبرة، ولم يلق من سرائها بطناً، إلا منحته من ضرائها ظهراً. ولم تصله غيثة رخاء، إلا هطلت عليه مزنة بلاء. وحرية إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له خاذلة متنكرة. وأي جانب منها اعذوذب واحلولى، أمر عليه منها جانب وأوبا. فإن آتت امرأ من غصونها ورقاً أرهقته من نوائبها تعبا. ولم يمس منها امرؤ في جناح أمن إلا أصبح منها على قوادم خوف، غرارة: غرور ما فيها؛ فانية: فان من عليها، لا خير في شيء من زادها إلا التقوى. من أقل منها استكثر مما يؤمنه. ومن استكثر منها، استكثر مما يوبقه ويطيل حزنه، ويبكي عينه. كم واثق بها قد فجعته، وذي حكم ثنته إليها قد صرعته، وذي احتيال فيها قد خدعته. وكم ذي أبهة فيها قد صيرته حقيراً، وذي نخوة قد ردته ذليلاً. ومن ذي تاج قد كبته لليدين والفم. سلطانها دول. وعيشها رنق، وعذبها أجاج، وحلوها صبر، وغذاؤها سمام، وأسبابها رمام. قطافها سلع. حيها بعرض موت، وصحيحها بعرض سقم. منيعها بعرض اهتضام. وملكها مسلوب، وعزيزها مغلوب. وسليمها منكوب، وجارها محروب. مع أن وراء ذلك سكرات الموت، وهول المطلع، والوقوف بين يدي الحكم العدل " ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ". ألستم في مساكن من كان قبلكم أطول منكم أعماراً، وأوضح منكم آثاراً، وأعد عديداً، وأكثف جنوداً، وأشد عتوداً. تعبدوا للدنيا أي تعبد، وآثروها أي إيثار، وظعنوا عنها بالكره والصغار. فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفساً بفدية، أو أغنت عنهم فيما قد أهلكتهم بخطب بل أرهقتهم بالقوادح، وضعضعتهم بالنوائب، وعقرتهم بالفجائع. وقد رأيتم تنكرها لمن رادها وآثرها وأخلد إليها، حين ظعنوا عنها لفراق إلى الأبد إلى آخر الأمد. هل زودتهم إلا السغب؟ وأحلتهم إلا الضنك، أو نورت لهم إلا الظلمة، أو أعقبتهم إلا الندامة؟ أفهذه تؤثرون أم على هذه تحرصون أم إليها تطمئنون؟ يقول الله جل ذكره " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون " بئست الدار لمن أقام فيها! فاعلموا إذ أنتم تعلمون أنكم تاركوها الأبد، فإنما هي كما وصفها الله تعالى باللعب واللهو، وقد قال تعالى: " أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين "

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 04:53 ص]ـ

"

ويعصى الله وترضون فإذا أمرتكم بالسير إليهم في الحر قلتم حمارة القيظ أمهلنا حتى ينسلخ عنا الحر وإذا أمرتكم بالسير إليهم في البرد قلتم أمهلنا حتى ينسلخ عنا القر كل هذا فرارا من الحر والقر فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر

يا أشباه الرجال ولا رجال ويا أحلام الأطفال وعقول ربات الحجال وددت أن الله أخرجني من بين ظهرانيكم وقبضني إلى رحمته من بينكم والله لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة والله جرت ندما وورثت صدري غيظا وجرعتموني الموت أنفاسا "

سلام عليكم رضي الله عنك يا أمير المؤمنين ما أعظم كربك!

ولله أنت يا زين الشباب على هذا الانتقاء!

واصل فعطاؤك يثلج الصدر

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 04:54 ص]ـ

أخي ليثًا متواصلون، ونقرأ بحب وتقدير مطلق.

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 07:16 ص]ـ

إكمالُ وفودِ أشرافِ العربِ على كِسْرى.

ذكر مشرفُنا الغالي مشكورًا (مغربي) خطبة َ أكثم َ بن ِ صيفيٍّ، وأذكرُ الآنَ

خطبة َ حاجب ِ بن ِ زُرَارَة َ:

* ثم قامَ حاجبُ بنُ زُرَارَة َ التميميُّ، فقالَ:

" ورى (1) زِنْدُك، وعلتْ يدُك، وهِيبَ سلطانُك. إنّ العربَ أمة ٌ قد غَلُظتْ أكبادُها، واستَحْصَدَتْ (2) مِرَّتُها، ومُنِعَتْ دِرَّتُها (3)، وهي لك وامقة ٌ ما تألفتَها، مسترسلة ٌ ما لاينتَها، سامعة ٌ ما سامحتَها، وهي العَلْقَمُ مَرارة ً، والصَّابُ (4) غَضَاضة ً (5)، والعسلُ حَلاوة ً، والماءُ الزُّلالُ (6) سَلاسَة ً (7). ونحن وفودُها إليكَ، وألسنتُها لديكَ. ذمتُنا محفوظة ٌ، وأحسابُنا ممنوعة ٌ، وعشائرُنا فينا سامعة ٌ مطيعة ٌ. إنْ نؤبْ لك حامدين خيرًا فلك بذلك عمومُ مَحْمَدَتِنا، وإنْ نذمَّ لم نُخَصَّ بالذم ِّ دونَها ".

قالَ كسرى: يا حاجبُ، ما أشبَه الحَجَرُ التلال َ بألوان ِ صخرِها. قالَ حاجبُ:

" بل زئيرُ الأسد ِ بصولتِها " قالَ كسرى: وذلكَ.

* العقد الفريد 1/ 101


1 - ورى: ورى الزند (بفتح الراء وكسرها وريًا و رية فهو وارٍ، و ورى أي: خرجت ناره. و أوريته، واستوريته، والزند: العود الذي تقدح به النار وجمعه زناد و أزند و أزناد.
2 - استحصدت: استحصد الحبل أي: استحكم، والمِرَّة: طاقة الحبل. والقوة: العقل. كناية عن قوتهم.
3 - الدِّرة: اللبن الدر.
4 - الصَّابُ: عصارة ُ شجرٍ مُرٍّ.
5 - غضاضة: هي احتمال المكروه، والذلة والمنقصة.
6 - الزلال: ماء زلال سريع المر في الحلق بارد عذب صاف سهل سلس.
7 - سلاسة: السهل اللين المنقاد.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير