تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جَوِي الحَشى على الطّوى مُشتَمِلِ = ما ذاقَ مذْ يومانِ طعمَ مأكَلِ

ولا لهُ في أرضِكُمْ منْ مَوْئِلِ = وقد دَجا جُنْحُ الظّلامِ المُسبِلِ

وهْوَ منَ الحَيرَةِ في تملْمُلِ = فهلْ بهَذا الرَّبعِ عذبُ المنهَلِ

يقول لي: ألْقِ عَصاكَ وادخُلِ = وابْشَرْ ببِشْرٍ وقِرًى مُعجَّلِ

قال: فبرزَ إليّ جَوْذَرٌ. عليهِ شَوْذَرٌ. وقال:

وحُرمَةِ الشّيخِ الذي سنّ القِرَى = وأسّسَ المحْجوجَ في أُمّ القُرَى

ما عِندَنا لِطارِقٍ إذا عَرا = سوى الحديثِ والمُناخِ في الذَّرَى

وكيفَ يقْري مَنْ نَفى عنه الكَرى = طوًى برَى أعظُمَهُ لمّا انْبَرى

فما تَرى فيما ذكرتُ ما تَرى

فقُلتُ: ما أصْنَعُ بمنزِلٍ قَفرٍ. ومُنزِلٍ حِلفِ فَقْرِ؟ ولكِنْ يا فَتى ما اسمُكَ. فقدْ فتَنَني فهْمُكَ؟ فقال: اسمي زيْدٌ. ومَنشإي فَيْدٌ. ووَردتُ هذِهِ المَدَرَةَ أمْسِ. معَ أخْوالي منْ بَني عبْسٍ. فقلتُ لهُ: زِدْني إيضاحاً عِشْتَ. ونُعِشْتَ! فقال: أخبرَتْني أمّي بَرّةُ. وهيَ كاسْمِها برّةٌ. أنّها نكَحَتْ عامَ الغارَةِ بماوانَ. رجُلاً من سَراةِ سَروجَ وغسّانَ. فلمّا آنَسَ منْها الإثْقال. وكان باقِعةً على ما يُقال. ظعَنَ عنْها سِرّاً. وهَلُمّ جَرّاً. فما يُعْرَفُ أحَيٌ هوَ فيُتوَقّعَ. أم أودِعَ اللّحْدَ البَلْقَعَ؟ قال أبو زيْدٍ: فعلِمْتُ بصِحّةِ العَلاماتِ أنّه ولَدي. وصدَفَني عنِ التّعرُّفِ إليْهِ صَفْرُ يدي. ففصَلْتُ عنْهُ بكَبِدٍ مرْضوضَةٍ. ودُموعٍ مفْضوضةٍ. فهلْ سمِعْتُمْ يا أولي الألْبابِ. بأعْجَبَ منْ هذا العُجابِ؟ فقُلْنا: لا ومَنْ عندَهُ عِلمُ الكِتابِ. فقال: أثْبِتوها في عَجائِبِ الاتّفاقِ. وخلِّدوها بُطونَ الأوْراقِ. فما سُيّرَ مثلُها في الآفاقِ. فأحْضَرْنا الدّواةَ وأساوِدَها. ورَقَشْنا الحِكايَةَ على ما سرَدَها. ثمّ اسْتَبْطنّاهُ عنْ مُرْتآهُ. في استِضْمام فَتاهُ. فقالَ: إذا ثَقُلَ رُدْني. خَفّ عليّ أنْ أكْفُلَ ابْني. فقُلنا: إنْ كان يكْفيكَ نِصابٌ منَ المالِ. ألّفناهُ لكَ في الحالِ. فقالَ: وكيْفَ لا يُقْنِعُني نِصابٌ. وهلْ يحتَقِرُ قدْرَهُ إلا مُصابٌ؟ قالَ الرّاوي: فالتَزَمَ منْهُ كلٌ منّا قِسطاً. وكتبَ له بِهِ قِطّاً. فشَكرَ عندَ ذلِك الصُنْعَ. واستَنْفَدَ في الثّناء الوُسْعَ. حتى إنّنا اسْتَطلْنا القوْلَ. واستَقلَلْنا الطَّوْلَ. ثمّ إنّهُ نشَرَ منْ وشْيِ السّمَرِ. ما أزْرَى بالحِبَرِ. الى أنْ أظَلّ التّنْويرُ. وجَشَرَ الصبْحُ المُنيرُ. فقضَيْناها ليلَةً غابَتْ شوائِبُها. الى أنْ شابَتْ ذَوائِبُها. وكمُلَ سُعودُها. الى أنِ انْفطَرَ عودُها. ولمّا ذَرّ قرْنُ الغَزالَةِ. طمرَ طُمورَ الغَزالَةِ. وقال: انْهَضْ بِنا لنَقبِضَ الصِّباتِ. ونستَنِضَّ الإحالاتِ. فقَدِ اسْتَطارَتْ صُدوعُ كَبِدي. منَ الحَنينِ الى ولَدِي. فوَصَلتُ جَناحَهُ. حتى سَنّيتُ نَجاحَهُ. فحينَ أحْرَزَ العَينَ في صرّتِه. فرَقَتْ أساريرُ مسرّتِهِ. وقال لي: جُزيتَ خَيراً عنْ خُطا قدَمَيكَ. واللهُ خَليفَتي علَيْكَ. فقُلتُ: أُريدُ أن أتّبِعَكَ لأشاهِدَ ولَدَك النّجيبَ. وأُنافِثَهُ لكَيْ يُجيبَ. فنظَرَ إليّ نظْرَةَ الخادِعِ الى المَخْدوعِ. وضحِكَ حتى تغَرْغَرَتْ مُقلَتاهُ بالدّموعِ. وأنشَدَ:

يا مَنْ يظَنّى السّرابَ ماءً = لمّا روَيْتُ الذي روَيْتُ

ما خِلْتُ أنْ يستَسِرّ مَكري = وأنْ يُخيلَ الذي عنَيْتُ

واللهِ ما بَرّةٌ بعِرْسي = ولا ليَ ابنٌ بِهِ اكتَنَيْتُ

وإنّما لي فُنونُ سِحرٍ = أبدَعْتُ فيها وما اقتَدَيتُ

لمْ يحْكِها الأصمَعيُّ فيما = حكَى ولا حاكَها الكُمَيتُ

تَخِذْتُها وُصلَةً الى ما = تَجْنيهِ كَفّي متى اشتَهَيْتُ

ولوْ تَعافَيتُها لحالَتْ = حالي ولمْ أحْوِ ما حوَيْتُ

فمهّدِ العُذْرَ أو فسامِحْ = إنْ كُنتُ أجرَمْتُ أو جنَيْتُ

ثمّ إنّه ودّعني ومَضى. وأوْدَعَ قلْبي جمْرَ الغَضا.

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 07:39 م]ـ

المَقَامَةُ الأَزَاذِيَّةِ

بديع الزمان الهمذاني

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: كُنْتُ بِبَغْذَاذَ وَقْتَ الاَزَاذِ، فَخَرَجْتُ أَعْتَامُ مِنْ أَنْواعِهِ لاِبْتِيَاعِهِ، فَسِرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ إلى رَجُلٍ قَدْ أَخَذَ أَصْنَافَ الفَوَاكِهِ وَصَنَّفَهَا وَجَمَعَ أَنْوَاعَ الرُّطَبِ وَصَفَّفَهَا، فَقَبَضْتُ مِنْ ُكلِ شَيءٍ أَحْسَنَهُ، وَقَرَضْتُ مِنْ كُلِ نَوعٍ أَجْوَدَهُ، فَحِينَ جَمَعْتُ حَوَاشِيَ الإِزَارِ، عَلى تِلْكَ الأَوْزَارِ أَخَذَتْ عَيْنَايَ رَجُلاً َقدْ لَفَّ رَأْسَهُ بِبُرْقُعٍ حَيَاءً، وَنَصَبَ جَسَدَهُ، وبَسَطَ يَدَهُ وَاحْتَضَنَ عِيَاَلهُ، وَتَأَبَّطَ أَطْفَالَهُ، وَهُوَ يَقُولُ بِصَوْتٍ يَدْفَعُ الضَّعَفَ فِي صَدْرِهِ، وَالْحَرضَ فِي ظَهْرِهِ:

وَيْلِي عَلَى كَفَّينِ مِنْ سَويقِ = أوْ شَحْمَةٍ تُضْرَبُ بالدَّقِيقِِ

أَوْ قَصْعَةٍ تُمْلأُ مِنْ خِرْدِيقِِ = يَفْتَأُ عَنَّا سَطَواتِ الرِّيقِ

يُقِيمُنَا عَنْ مَنْهَجِ الطَرِيقِ = يَارَازِقَ الثَّرْوَةِ بَعْدَ الضِّيقِِ

سَهِّلْ عَلى كَفِّ فتىً لَبِيقِ = ذِي نَسَبٍ فِي مَجْدِهِ عَرِيقِ

يَهْدي إِلَيْنا قَدَمَ التَّوْفيقِ = يُنْقِذُ عَيِشي مِنْ يَدِ التَّرْنيقِ

قالَ عِيسى بْنُ هِشامِ: فَأخَذْتُ مِنَ الكِيس أَخْذَةً وَنُلْتُهُ إِياهَا، فَقَالَ:

يَا مَنْ عَنَانِي بِجَمِيلِ بِرِّهِ = أَفْضِ إِلى اللهِ بِحُسْنِ سِرِّهِ

وَاسْتَحْفظِ الله جَمِيلَ ستْرِهِ = إِنْ كانَ لا طَاقَةَ لِي بِشُكْرِهِ

فَاللهُ رَبِّي مِنْ وَرَائي أَجْرِهِ قَالَ عِيسى بْنُ هِشَامٍ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ فِي الكيسِ فَضْلاً فَاُبْرُزْ لِي عَنْ بَاطِنِكَ أَخْرُجْ إِلَيْكَ عَنْ آخِرِهِ، فَأَمَاطَ لِثَامَهُ، فَإِذَا وَاللهِ شَيْخُنَا أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَندريُّ، فَقُلْتُ: وَيْحَكَ أَيُّ دَاهِيَةٍ أَنْتَ؟ فَقَالَ:

فَقَضِّ العُمْرَ تَشْبيهَاً = عَلَى النَّاسِ وَتَمْويهَا

أَرَى الأَيَّامَ لا تَبْقَى = عَلَى حَالٍ فَأَحْكِيهَا

فَيَوْماً شَرُّهَا فِيَّ = وَيَوْماً شِرَّتِي فِيهَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير