تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال أبو عبيدة في كتاب أيام العرب: أخبرنا فراس بن خندف قال: جَمَعت اللَّهازِم لتُغيرَ على بني تميم وهم غارّون فرأى ذلك ناشب الأعور بن بشامة العَنْبري وهو أسيرٌ في بني سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقال لهم: أَعْطُوني رسولاً أُرْسِله إلى أهلي أُوصيهم في بعض حاجتي وكانوا اشتروه من بني أبي ربيعة فقالت بنو سعد: تُرْسله ونحنُ حضور وذلك مخافة أن يُنْذِر قومَه فقال: نعم.

فأرسلوا له غلاماً مولّداً لهم.

فقال لهم لما أتوه به: أتيتموني بأحمق فقال الغلام: واللّه ما أنا بأحمق فقال الأعور: إني أراك مجنوناً قال: ما أنا بمجنون قال: فالنّيران أكْثر أم الكواكب قال: الكواكب وكلٌّ كثير.

وقال آخر: إنه قال له: واللّه ما أنا بأحمَق فقال الأعور: إن لك لَعَينَي أحمق وما أراك مبلِّغاً عني! قال بلى لعمري لأُبَلِّغَنّ عنك فملأ الأَعور كفّه من الرمل.

فقال: كم في كفّي قال: لا أدري وإنه لكثير لا أُحْصيه فأومأ إلى الشمس بيديه فقال: ما تِلك قال: الشمس.

قال: ما أراك إلا عاقلاً شريفاً اذْهب إلى أهلي فأبْلغهم عني التحيّة وقل لهم: لِيُحْسنوا إلى أسيرهم ويُكْرموه فإني عند قوم محسنين إليّ مكرمين لي وقل لهم: فَلْيعروا جملي الأحمر ويركبوا ناقتي العَيْساء وليرعوا حاجتي في بني مالك وأخْبِرهم أن العَوْسَج قد أوْرَق وأن النساء قد اشتكت وليعصوا همَّام بن بشامة فإنه مشؤوم مَحْدود وليطيعوا هُذَيل بن الأخنَس فإنه حازم ميمون.

فقال له بنو قيس: ومن بنوا مالك هؤلاء قال: بنو أخي.

وكره أن يعلَم القوم.

وزعم سليمان بن مزاحم أنه قال: وإذا أتيتَ أمّ قدامة فقل لها: إنكم قد أسأتم إلى جملي الأحمر وأنْهَكْتُموه ركوباً فاعْفوه وعليكم بناقتي الصَّهباء العافية فاقْتَعدوها.

فلما أتاهم الرسول فأبلغهم لم يَدْر عمرو بن تميم ما الذي أرسل به الأعور وقالوا: ما نعرف هذا الكلام ولقد جُنّ الأعور بَعدنا! فقال هذيل للرسول: اقتص عليّ أول قصته فقصّ عليه أول ما كلمه به الأعور وما رجعه إليه حتى أتى على آخره قال هذيل: أبْلِغه التحية إذا أتيته وأخبره أنّا نَسْتَوْصي بما أوْصى به.

فشخص الرسول فنادى هذيل بَلْعَنبر فقال: قد بيّن لكم صاحبُكم: أما الرملُ الذي جَعلَ في يده فإنه يُخبركم أنه قد أتاكم عددٌ لا يُحصى وأما الشمسُ التي قد أومَأ إليها فإنه يقول: ذلك أوضح من الشمس وأما جَملُه الأحمر فهو الصمّان وأما ناقته العَيْساء أو قال الصهباء فهي الدَّهناء يأمركم أن تتحرَّزوا فيها وأما بَنو مالك فإنه يأمركم أن تُنْذِروهم ما حذَّركم وأن تُمسكوا بحِلْف ما بينكم وما بينهم وأما إيراق العَوْسج فإنَّ القوم قد اكتسوا سلاحاً وأما اشتكاء النّساء فإنه يُخبركم أنهن قد عملن لهم عِجَلاً يَغْزُونَ بها والعِجَلَ: الرِّوايا الصَّغار.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير