تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عند قراءتها والسلام. قال الجاحظ: قلت للحزامي: قد رضيت بقول الناس فيك: إنك بخيل. قال: لا أعد مني الله هذا الاسم. قال: لأنه لا يقال: فلان بخيل إلا وهو ذو مال، فإذا سلم المال فادعني بأي اسم شئت. قلت: ولا يقال سخي إلا وهو ذو مال، فقد جمع هذا الاسم المال والحمد، وجمع ذاك الاسم المال والذم. قال: بينهما فرق. قلت: هاته. قال: في قولهم بخيل تثبيت لإقامة المال في ملكه، واسم البخيل اسم فيه حزم وذم، واسم السخاء فيه تضييع وحمد، والمال نافع مكرم لأهله معز، والحمد ريح وسخرية، واستماعه ضعف وفسولة. وما أقل والله غناء الحمد عنه إذا جاع بطنه، وعري جسده، وشمت عدوه.

قال أبو حيان: ومن عجيب الحديث في كتبه ما حدثنا به علي بن عيسى النحوي الشيخ الصالح قال: سمعت ابن الأخشاد شيخنا أبا بكر يقول: ذكر أبو عثمان في أول كتاب الحيوان أسماء كتبه ليكون ذلك كالفهرست، ومر بي في جملتها الفرق بين النبي والمتنبئ، وكتاب دلائل النبوة وقد ذكرهما هكذا على التفرقة، وأعاد ذكر الفرق في الجزء الرابع لشيء دعاه إليه، فأحببت أن أرى الكتابين ولم أقدر إلا على واحد منهما وهو كتاب دلائل النبوة، وربما لقب بالفرق خطاً، فهمني ذلك وساءني في سوء ظفري به، فلما شخصت من مصر ودخلت مكة - حرسها الله تعالى - حاجاً أقمت منادياً بعرفات ينادي – والناس حضور. من الآفاق على اختلاف بلدانهم وتنازح أوطانهم، وتباين قبائلهم وأجناسهم من المشرق إلى المغرب، ومن مهب الشمال إلى مهب الجنوب، وهو المنظر الذي لا يشابهه منظر -: رحم الله من دلنا على كتاب الفرق بين النبي والمتنبئ لأبي عثمان الجاحظ على أي وجه كان. قال: حجب الناس منىً ولم يعرفوا هذا الكتاب ولا اعترفوا به. قال ابن أخشاد: وإنما أردت بهذا أن أبلغ نفسي عذرها. قال المؤلف: وحسبك بها فضيلة لأبي عثمان أن يكون مثل ابن الأخشاد - وهو هو في معرفة علوم الحكمة، وهو رأس عظيم من رءوس المعتزلة - يستلهم بكتب الجاحظ حتى ينادي عليها بعرفات والبيت الحرام، وهذا الكتاب موجود في أيدي الناس اليوم لا يكاد تخلو خزانة منه. ولقد

رأيت أنا منه نحو مائة نسخة أو أكثر.

ومن كتاب هلال قال أبو الفضل بن العميد: ثلاثة علوم الناس كلهم عيال فيها على ثلاثة أنفس: أما الفقه فعلى أبي حنيفة، لأنه دون وخلد ما جعل من يتكلم فيه بعده مشيراً إليه مخبراً عنه. وأما الكلام فعلى أبي الهذيل، وأما البلاغة والفصاحة واللسن والعارضة، فعلى أبي عثمان الجاحظ.

وحدث أبو القاسم السيرافي قال: حضرنا مجلس الأستاذ الرئيس أبي الفضل فقصر رجل بالجاحظ وأزرى عليه وحلم الأستاذ عنه. فلما خرج قلت له: سكت أيها الأستاذ عن هذا الجاهل في قوله الذي قال مع عادتك بالرد على أمثاله. فقال: لم أجد في مقابلته أبلغ من تركه على جهله، ولو واقفته وبينت له النظر في كتبه، صار إنساناً. يا أبا القاسم كتب الجاحظ تعلم العقل أولاً والأدب ثانياً.

وحكى أبو علي القالي عن أبي معاذ عبدان الخولي المتطبب قال: دخلنا يوماً بسر من رأى على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج، فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل إليه فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل؟ ثم أقبل علينا فقال: ما تقولون في رجل له شقان: أحدهما لو غرز بالمسال ما أحس، والشق الآخر يمر به الذباب فيغوث، وأكثر ما أشكوه الثمانون.

حدث أبو عبد الله الحميدي في الجذوة: قرأت على الأمين بن أبي علي بن القاضي أبي القاسم البصري عن أبيه قال: حدثنا محمد بن عمر بن شجاع المتكلم، حدثنا أبو محمد الحسن بن عمرو النجيرمي قال: كنت بالأندلس فقيل لي: إن هاهنا تلميذاً لأبي عثمان الجاحظ يعرف بسلام بن يزيد ويكنى أبا خلف، فأتيته فرأيت شيخاً هماً فسألته عن سبب اجتماعه مع أبي عثمان ولم يقع أبو عثمان إلى الأندلس فقال: كان طالب العلم بالمشرق يشرف عند ملوكنا بلقاء أبي عثمان، فوقع إلينا كتاب التربيع والتدوير له فأشاروا إليه، ثم أردفه عندنا كتاب البيان والتبيين له فبلغ الرجل الصكاك بهذين الكتابين. قال: فخرجت لا أعرج على شيء حتى قصدت بغداد فسألت عنه فقيل: هو بسر من رأى، فأصعدت إليها فقيل لي: قد انحدر إلى البصرة، فانحدرت إليه وسألت عن منزله فأرشدت ودخلت إليه فإذا هو جالس وحواليه عشرون صبياً ليس فيهم ذو لحية غيره، فدهشت فقلت: أيكم أبو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير