تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ليس هذا بلازم تمامًا والجعل عام الدلالة يمكن أن يلابس أفعالا أخرى متى كانت القرينة ولعلي أنقل لك بعض ما جاء في كتاب (قضايا التعدي واللزوم في الدرس النحوي):

"والظاهرة الثانية: تعدية اللازم بنفسه، ومثال ذلك عندهم قوله تعالى ?وَمَن يَّرْغَبُ عَن مِّلَةِ إِبْرَاهِيمَ إلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَه? [130 - البقرة] وقد خُرج تعدي (سفه) عدة تخريجات أحدها التضمين. ولذا فسّر الفعل عند أبي عبيدة بـ"أهلك نفسه وأوبقها" (1)، وفي الكشاف "امتهنها واستخف بها" (2). والتفسير الثاني عدها تمييزًا، وهذا قول الفراء. قال: "العرب توقع سفِه على (نفسه) وهي معرفة، وكذلك قوله ?بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا? [58 - القصص] وهي من المعرفة كالنكرة؛ لأنه مفسر، والمفسر في أكثر الكلام نكرة، كقولك ضقت به ذرعًا" (3). أما القول الثالث فهو: "سفِه في نفسه فحذف الجار كقولهم: زيد ظنّي مقيم: أي في ظنّي" (4). وقد ذكر صاحب الكشاف الأقوال الثلاثة ورجح الأول (5). ويمكن القول إن الفعل (سفِه) لم يتعد؛ لأنه ضمن الفعل (أهلك) أو (امتهن) وإنما لتضمنه معنى الفعل (جعل) أي جعل نفسه كذلك، فقوله إلا من سفه نفسه، أي: إلا من جعل نفسه على هذه الحال. وتضمن هذا المعنى ليس غريبًا على اللغة بل هو أقرب إلى سلوكها فكثير من الأفعال اللازمة تنقل على صيغة (أفعل) أو (فعّل) وهذه الصيغة تتضمن معنى الفعل (جعل) فأخرجته: جعلته يخرج، وعلّمته: جعلته يعلم أو عالمًا.

ومثال ذلك أيضًا قوله تعالى ?وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ ? [235 - البقرة] قال أبو حيان: "وانتصاب عقدة على المفعول به لتضمين تعزموا معنى ما يتعدى بنفسه، فضمن معنى تنووا، أو معنى تصححوا أو معنى توجبوا، أو معنى تباشروا، أو معنى تقطعوا، أي تبتوا. وقيل: انتصب عقدة على المصدر، ومعنى تعزموا: تعقدوا، وقيل: انتصب على إسقاط حرف الجر وهو على هذا التقدير ولا تعزموا على عقدة النكاح" (6). ويمثلون لذلك أيضًا بما ذكره الأشموني قال: "ومنه (أي التضمين) رحُبتكم الطاعة، وطلُع بشر اليمنَ، أي: وسِعتكم، وبلَغ اليمن" (7). والمتأمل لهذا المثال يرى أنهم قالوا بتضمن (رحُب) للفعل (وسِع) والفعل الأخير لازم في الأصل وتعديه كتعدي (رحُب) فلا يصح إذن جعل تضمنه سببًا للتعدي. والذي نراه أنسب في تفسير تعدي (رحُب) و (وسِع) هو القول بالحذف أي (رحُبت بكم الطاعة) و (رحُبت بكم الدار) وكل ذلك كناية عن اتساعها ورحابتها عند اشتمالها عليهم فكأنهم سبب في رحابتها. والفعل (وسِع) مثله أيضًا (فوسِعتكُم) أي (وسِعت بكم). ومثله الفعل (طلُع) فهو معدى على حذف حرف الجر (إلى) أي: طلُع إلى اليمن".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أبوعبيدة، مجاز القرآن، 1: 56.

(2) الزمخشري، الكشاف، 1: 312.

(3) الفراء، معاني القرآن، 1: 79.

(4) الزمخشري، الكشاف، 1: 312.

(5) الزمخشري، الكشاف، 1: 312.

(6) أبوحيان، البحر المحيط، 1: 229.

(7) الأشموني، منهاج السالك إلى ألفية ابن مالك، 1: 201.

ـ[الكاتب1]ــــــــ[30 - 08 - 2008, 05:19 ص]ـ

اسمحوا لتلميذكم أن يشارككم النقاش

أساتذتي الأفاضل، الفعل " شرب " كما قال أخي " بحار الأنوار" لا يمس بصلة لمعنى " جعل "

ثم هل يصح ذلك مع الفعل " أكل " في قولنا: " أكلت بدل الدجاج لحما؟ فنقول إن " أكل" بمعنى جعل "؟

وكلنا نعرف أن " بدل" تعرب ظرف مكان إذا كانت بمعنى " مكان " نقول: " خذ هذا بدل هذا " أي: مكان هذا.

وتكون حسب موقعها من الإعراب إن كانت بمعنى بديل.

جاء في " الكتاب لسيبويه:

وزعم يونُس أن العرب تقول: إن بدلَك زيداً أي إن مكانك زيداً.

والدليل على هذا قول العرب: هذا لك بدلَ هذا أي هذا لك مكان هذا.

وإن جعلت البدل بمنزلة البديل قلت: " إن بدلَك زيدٌ " أي: " إن بديلَك زيدٌ.

فالذي أراه أن " بدل " هنا بمعنى بديل " حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ولن أخالفكم فيما أتيتم به عن التضمين، لكن من شروط التضمين تحقق المناسبة بين الفعلين، كما هو الحال بين الفعل خذ واجعل، وبين " تعزموا " وتنووا " و" يسَّمَّعون " و " يصغون " فهل تحقق ذلك بين " شرب و " جعل "؟

ـ[علي المعشي]ــــــــ[30 - 08 - 2008, 06:14 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما (لبنا) فهو مفعول به للفعل، وأما (بدل) فأرى فيه وجهين واردين، أحدهما الحالية كما تفضل بعض الإخوة، لكن الحال ليس من الفاعل وإنما هو من المفعول به المتأخر (لبنا) لأن (بدل) في الأصل نعت لكنه لما تقدم على المنعوت انتصب على الحال، وتكون الإضافة على هذا الوجه على نية الانفصال كأنه قال: (بدلا من الحليب) فإذا أولته بالوصف صار (شربت بديلا من الحليب لبنا).

والوجه الآخر أن تكون (بدل) ظرف مكان منصوبا، ويصح هذا الوجه إذ جعلت (بدل) بمعنى (مكان) كأنه قال: شربت مكان الحليب لبنا. والله أعلم.

تحياتي ومودتي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير