تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء في الفجر الساطع على الصحيح الجامع لمحمد الفضيل الشبيهي الزرهوني: (حاصل ما في المقام أن عائشة رضي الله عنها ردت على ابن عمر سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الموتى يسمعون، وقالت إنما قال يعلمون ولم يقل يسمعون، واستدلت على ذلك بالآيتين، والتحقيق الذي عليه الجمهور أن الصواب مع ابن عمر لا معها، أما نفيها سماعه الحديث فإنه لم ينفرد بروايته، بل رواه عمر أيضا، وأبو طلحة (1) كما سبق، وابن مسعود كما عند الطبراني بإسناد صحيح، وعبد الله بن سيلان (2) نده أيضا (1)، على أنه لو انفرد به لم يستقم لها رده عليه بغير موجب، قال الإسماعيلي: (لا سبيل إلى رد رواية الثقة إلا بنص من مثله يدل على نسخه أو تخصيصه أو استحالته) هـ (2).

... وقال السهيلي: (عائشة لم تحضر، وغيرها ممن حضر أحفظ للفظه عليه الصلاة والسلام، وقد قالوا يا رسول الله أتخاطب قوما قد جيفوا، بفتح الجيم والياء المشددة، أي صاروا جيفا، فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم؛ وأما نفيها سماع الموتى وإثباتها العلم لهم، فجوابه أن العلم لا يمنع من السماع) (3)، قاله البيهقي.

... وقال السهيلي: (إذا جاز أن يكونوا في تلك الحالة عالمين، جاز أن يكونوا سامعين، وأما استدلالها بالآيتين فأجيب عنه بأجوبة أحدهما ما سبق عن قتادة أن الله تعالى أحياهم حتى أسمعهم على تأويل قتادة فقهاء الأمة وجماعة أهل السنة، وعلى ذلك تأوله عبد الله بن عمر وهو راوي الحديث) هـ؛ ثانيها ما ذكره المص هنا عن عروة أن محل نفي سماعهم حين استقرارهم في النار لا قبل ذلك؛ ثالثها ما قاله الإسماعيلي أن إسماعهم أي إبلاغ صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم إنما كان من الله، لا من النبي - صلى الله عليه وسلم - هـ، ونحوه للسهيلي قائلا: (هو كقوله تعالى: " أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ" (1)، أي الله هو يهدي ويوفق ويوصل الموعظة إلى آذان القلوب لا أنت) (2)؛ رابعها ما قاله السهيلي أيضا، وأوضحه ابن حجر، أن المراد بالموتى وبمن في القبور في الآيتين الكفار الأحياء مجازا شبهوا بالموتى في عدم انتفاعهم بما يسمعون، أي إنك لا تسمع من هم في حال الموتى، أو في حال من سكن القبور، وعلى هذا لا يبقى في الآية دليل على ما نفته عائشة رضي الله عنها أصلا، والله أعلم) 1/ 297

وجاء في شرح ابن بطال: (قال الطبرى: والصواب من القول فى ذلك أن كلا الروايتين عن النبى فى ذلك صحيح لعدالة نقلتها، والواجب الإيمان بها، والإقرار بأن الله يُسمع من يشاء من خلقه بعد موتهم، ما شاء من كلام خلقه، ويُفهم ما يشاء منهم ما يشاء، ويُنعِّم من أحب منهم، ويعذب فى قبره الكافر، ومن استحق العذاب كيف أراد، على ما صحت به الأخبار عن النبى، - صلى الله عليه وسلم -وليس فى قوله: {إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور} [فاطر: 22]، حجة فى دفع ما صحت به الآثار من قوله لأصحابه فى أهل القليب: «ما أنتم بأسمع منهم»، ولا فى إنكار من أنكر ما ثبت من قوله: «إنه ليسمع قرع نعالهم» إذا كان قوله: {وما أنت بمسمع من فى القبور} [فاطر: 22]، و {إنك لا تسمع الموتى} [النمل: 80] محتملاً من التأويل وجهًا سوى ما تأوله من زعم أن الميت لا يسمع كلام الأحياء، وذلك أن يكون معناه: فإنك لا تسمع الموتى بطاقتك وقدرتك، إذ كان خالق السمع غيرك، ولكن الله هو الذى يُسمعهم.

وذلك نظير قوله: {وما أنت بهاد العمى عن ضلاتهم} [النمل: 81] وذلك بالتوفيق والهداية بيد الله دون من سواه، فنفى عن نبيه أن يكون قادرًا أن يسمع الموتى إلا بمشيئة، كما نفى أن يكون قادرًا على هداية الضلال إلا بمشيئته، وإنما أنت نذير، فبلغ ما أُرسلت به.

والثانى: أن يكون المعنى: فإنك لا تسمع الموتى إسماعًا ينتفعون به، لأنهم قد انقطعت عنهم الأعمال، وخرجوا من دار العمل إلى دار الجزاء، فلا ينفعهم دعاؤك إياهم إلى الإيمان بالله وبطاعته، فكذلك هؤلاء الذين كتب عليهم ربك أنهم لا يؤمنون، لا يسمعهم دعاؤك إياهم إسماعًا ينتفعون به، لأن الله قد حتم عليهم ألا يؤمنوا، كما حتم على أهل القبور من أهل الكفر أنهم لا ينفعهم بعد كونهم فى القبور عمل، لأن الآخرة ليست بدار امتحان، وإنما هى دار جزاء. وليس فى قوله: {إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور} [فاطر: 22]، حجة فى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير