تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلتُ: أستند عليه العلماء في ماذا؟ هل استندوا عليه في مطلق السماع أم في تقيد السماع بالأحاديث الصحيحة في السلام و نحوه. هذا من جهة و من جهة أخرى فإن كلام الطبري حجة عليك؛ فإذا كان من في القبر لا يسمع كتاب الله فالأولى ألا يسمع من كان دونه. و هذا التمثيل من الله تعالى في أحوال الموتى على الحقيقة فالموتى بنص القرآن أعلاه لا يسمعون، و التمثيل على الحقيقة أبلغ منه على المجاز. و كلام قتادة يؤكد ما ذهبنا إليه فقوله كذلك الكافر لا يسمع فيه دلالة أنه فهم من الآية المذكورة أن الميت لا يسمع. كذلك نقلت أنت فيما نقلت أن راوي الحديث (تكليم قتلى بدر) ابن عمر تأوله على أنه من معجزات النبوة أي أنه خاص به و أن الله تعالى أحيا له قتلى المشركين حتى يسمعهم قوله.

أما قول ابن كيثرفي التفسير: ((يقول تعالى: كما أنك ليس في قدرتك أن تسمع الأموات في أجداثها)).

أقول: و هذا كالذي قبله و يؤكد ما ذهبنا إليه في أن الموتى لا يسمعون؟!!! فالأصل عنده أن الموتى لا يسمعون بدليل قوله: (أنك ليس في قدرتك أن تسمع الأموات في أجداثها) و السؤال لماذ ليس في قدرته أن يسمعهم؟ الجواب عندي:لأن المنادى عليه إما أن يكون لا يسمع أصلا، أو أنه بعيد بحيث لا يصله الصوت، أو أنه معزول و إذا كان الأمر كذلك فالأصل عدم السماع إلا فيما دل عليه الدليل، نحو سماع قرع النعال و نحوه، و هو ما دل عليه قوله بعد ذلك (بل ذلك إلى الله تعالى، فإنه بقدرته يسمع الأموات أصوات الأحياء إذا شاء) هو من باب الاستثناء و ليس من باب الأصل؛ فالأصل أنهم لا يسمعون

أما هذه الآية {إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} و قول ابن كثير: أي: خاضعون مستجيبون مطيعون، فأولئك هم الذين يستمعون الحق ويتبعونه، وهذا حال المؤمنين.

قلت: هذه فيها حال الأحياء من المسلمين و لا يستدل بها على سماع الأموات، فكيف يطيع الميت و يتبع و قد انقطع عمله من الدنيا.

أما قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [الأنعام: 36]. لهو دليل صريح على عدم سماع الأموات.

و كذلك كل النصوص التي نقلتَ و كررت في تفسير الآيات تدور حول تشبيه الكفار بأهل القبور لذلك لن أتطرق إليها جميعها و إلا فسوف يكون ذلك من باب التكرار و تسويد الصفحات، مثلاً نقلتَ لي خمس صفحات من كلام الألوسي في هذا الموضوع و الذي ترجح عنده هو الذي نقول به حيث قال:بعدما استعرض جميع الأقوال في هذا الموضوع ((ولا يلزم من وجود ذلك التعلق والقول بوجود قوة السمع ونحوه فيها نفسها أن تسمع كل مسموع لما أن السماع مطلقاً وكذا سائر الإحساسات ليس إلا تابعاً للمشيئة فما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن فيقتصر على القول بسماع ما ورد السمع بسماعه من السلام ونحوه، وهذا الوجه هو الذي يترجح عندي)) و أنا لا أدري لماذا تنقل كل ذلك ثم يكون فيه حجة لنا عليك؟

و كذلك ما نقلت عن الشنقيطي)): أنا لو سلمنا أن الموتى في الآية على حقيقتهم؛ فلا تعارُض بينها وبين أن بعض الموتى يسمعون في وقت ما، أو في حال ما، فإن تخصيص العموم ممكن وصحيح إذا وُجد المخصِّص، وقد وُجد [هنا]؛ بدليل هذا الحديث وحديث أبي طلحة الذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أهل بدر: ((والذي نفسي بيده! ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم))، وهو متفق عليه، وبما في معناه؛ مثل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الميت: ((إنه ليسمع قرعَ النِّعال))، وبالمعلوم من سؤال الملكين للميت في قبره، وجوابه لهما، إلى غير ذلك ما لا يُنكر.، وكذلك قول السهيلي قال السهيلي: (إذا جاز أن يكونوا في تلك الحالة عالمين، جاز أن يكونوا سامعين، وأما استدلالها بالآيتين فأجيب عنه بأجوبة أحدهما ما سبق عن قتادة أن الله تعالى أحياهم حتى أسمعهم على تأويل قتادة فقهاء الأمة وجماعة أهل السنة، وعلى ذلك تأوله عبد الله بن عمر وهو راوي الحديث)).أقول إذا كان ابن عمر رواي الحديث قد ذهب التخصيص فما بال الذين يقولون بمطلق السماع؟!!!

أخي العزيز ليس المهم أن تأت بالنصوص من هنا و هناك بقدر ما يكون فيها دليل لما تذهب إليه!!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير