أما قول قتادة في تكليم رسول الله ? لموتى القليب: (أحياهم الله له حتى سمعوا مقالته تقريعًا وتوبيخًا ونقمة) فهذا الذي نقول به أن الأصل في الأموات عدم السماع كما ورد في الآيات القرآنية إلا ما استثني في أحاديث السماع الصحيحة، و السماع ليس مطلقاً و إنما مؤقت. و قد بينا ذلك في ردنا الأول عليك فيما نقلناه من كتاب الآيات البينات.
أما و استدلالك بحديث الذي صححه ابن عبد البرعن ابن عباس مرفوعًا: "ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم، كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه، إلا رد الله عليه روحه، حتى يرد عليه السلام"
فقد تعبه المحققون و انتقدوا تصحيحه له.و قد رواه أبن الجوزي في العلل المتناهية و ضعفه و لعلنا نتطرق إليه لاحقاً
أما قولك:
(فروى ابن أبي الدنيا في كتاب القبور عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده، إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم. الاستذكار لابن عبد البر من طريق بشر بن بكير، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس، مرفوعا. ولفظه: "ما من أحد مر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام".
وروي عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: إذا مر رجل بقبر يعرفه فسلم عليه، رد عليه السلام.
أقول:
زعمت في مقدمة مقالتك آنفاً أنك سوف تخرج الحديث الأخير قائلاً: و الحديث يقول: (ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده، إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم"وسيأتي تخريجه). و لم أجد لك تخريجاً علمياً صحيحاً و إنما مجرد نسخ و لصق و نقل لبعض المرويات بصيغة التضعيف (و روي) أو الضعيفة، على أية حال سوف أقوم بتخريج هذه الأحاديث و الكلام عليها صحة و ضعفاً دون الإطالة و أسأل الله التوفيق و السداد:
الحديث الأول:
مَا مِنْ أَحَدٍ مَرَّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ، كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ "
رواه ابن عبد البر في كتاب الاستذكار، و هذا الكتاب لم يشترط فيه صاحبه الصحة و أما هذا الحديث فقد تفرد به الربيع بن سليمان فراوه عن بشر عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أخرجه الخلعي في الثامن من الخلعيات،و ابن عساكر في تاريخ دمشق ج 10:عن محمد بن مخلد الرعيني عن الربيع بن سليمان به،و الخطيب في تاريخ بغداد (7/ 60) عن محمد بن يعقوب الأصم، عن الربيع بن سليمان به،و ابن جميع في معجم الشيوخ (326)،و الذهبي في سير أعلام النبلاء للذهبي، عيسى بن موسى، عن الربيع بن سليمان به. و ابن عساكرفي تاريخ دمشق (27/ 65) أحمد بن محمد بن فضالة، عن الربيع بن سليمان به.
مراتب الرواة من طريق أبي هريرة:
1 - محمد بن مخلد الرعيني: ضعيف
2 - عيسى بن موسى: مجهول الحال
3 - محمد بن يعقوب الأصم: ثقة حافظ
4 - أحمد بن محمد بن فضالة الصفار:ثقة حافظ
و قد خالفت هؤلاء الروة فَاطِمَةُ بِنْتُ الرَّيَّانِ الْمُسْتَمْلِيِّ فروته عن الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ِ،عن بِشْرُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (كما في كتاب الاستذكار)
و فاطمة لم أقف لها على رواية غير هذه و لم أعثر لها على ترجمة، و هذا غلط منها و قد خالفت أربعة من الرواة منهم راويان ثقتان حافظان عن الربيع بن سليمان. و المحفوظ إسناد أبي هريرة رضي الله عنه. و قد وافق قولي هذا قول العلامة المحدث الألباني يرحمه الله - حيث قال: «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (9/ 475): «هذا إسناد غريب؛ الربيع بن سليمان فمن فوقه؛ ثقات معروفون من رجال التهذيب، وأما من دونه فلم أعرفهما، لا شيخ ابن عبد البر، ولا المملية فاطمة بنت الريان، وظني أنها تفردت - بل شذت - بروايتها الحديث عن الربيع بن سليمان بهذا الإسناد الصحيح له عن ابن عباس؛ فإن المحفوظ عنه إنما هو بالإسناد الأول» (أرشيف ملتقى أهل الحديث 3 المكتبة الشاملة).أهـ
أما في يخص الإسناد المحفوظ (الإسناد عن أبي هريرة) فإنه لايصح للأسباب التالية:
فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال فيه المقدسي (تذكرة الحفاظ): ليس بشيء في الحديث.
¥