تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - عن أبي الأسود قال: اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما، فقال المقضي عليه: رُدَّنا إلى عمر بن الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم 0انطلقا إليه فلما أتيا عمر، قال الرجل: يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، فقال: رُدَّنا إلى عمر بن الخطاب فردنا إليك: فقال: أكذاك؟ قال: نعم فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما، فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال: ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الأخر فاراَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله قتل عمر والله صاحبي ولو ما أنِّي أعجزته لقتلني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن، فأنزل الله [فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك] 0 الآية، فهدر دم ذلك الرجل، و برىء عمر من قتله، فكره الله أن يسن ذلك بعد فأنزل [ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم] 0

تخريجه:

أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره: (3/ 74075) 0من طريق يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنبأ ابن وهب أخبرني عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسةد00به00

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: (1/ 533) 0" غريب جداً "0وقال:" كذا رواه ابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود به، وهو أثر غريب مرسل، وابن لهيعة ضعيف، والله أعلم "0

قلت: وفي كلام الحافظ ابن كثير ملحوظتين:

الأولى: هي في قوله:" وابن لهيعة ضعيف "0فهذا ليس بسديد منه، إذا أنَّ رواية عبد الله بن وهب وأمثاله – كعبد الله بن المبارك – مقبولة عند العلماء، إذ أنَّ هؤلاء قد رووا عنه قبل إختلاطه، وهذا منها فابن وهب هنا هو: عبد الله بن وهب، و في ذلك يقول الحافظ في التقريب: (1/ 526) 0" صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ورواية بن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما "0

الثاني: وهي قوله:" مرسل "0وهذا أيضاً ليس بسديد منه، إذا أنَّ الأسود هنا هو: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، وهو ثقة جليل، إلاَّ أنَّه من الطبقة السادسة، وهي الطبقة التي:" لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة "0كما قال الحافظ في مقدمة التقريب: (1/ 25) 0

لذلك فروايته هي عن التابعين، وبالتالي تكون معضلة، وليست مرسلة، كما ذهب إلى ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى، والفرق في الاحتجاج بين الحديث المرسل، والحديث المعضل واضح مشهور عند أهل العلم0

ولا يقويه، ما أخرجه الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن دُحيم في تفسيره – كما يقول الحافظ ابن كثير في تفسيره:1/ 534 – من طريق شعيب بن شعيب حدثنا أبو المغيرة حدثنا عتبة بن ضمرة حدثني أبي00به نحوه00

قلت: وهذا إسناد ظاهره الحسن، بيد أنَّنا لم نجده إلاَّ عند دُحيم، ولم يعزوه الحافظ ابن كثير - هنا – والحافظ السيوطي في الدار المنثور: (4/ 524) 0 إلا إلى دُحيم، ووصفه بالغرابة الشديدة من قبل الحافظ ابن كثير هو الصواب، وكفى به غرابة أننا لم نجده في كتب الحديث المشهورة المتداولة بين يدي العلماء وطلاب العلم، والله اعلم0

فائدة: لقد بوب الإمام النسائي رحمه الله هذا الحديث تحت باب:" الرخصة للحاكم الأمين أن يحكم وهو غضبان"0والسؤال: هل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم يعم كل قاضي أو حاكم أمين00؟؟ 0

قال الحافظ في الفتح: (5/ 38 - 39) 0" قال الخطابي وغيره: و انَّما حكم صلى الله عليه وسلم في حال غضبه مع نهيه أن يحكم وهو غضبان، لأنَّ النهي معلل بما يخاف على الحاكم من الخطأ والغلط، والنبي صلى الله عليه وسلم مأمون لعصمته من ذلك حال السخط "0

وقال الإثيوبي حفظه الله في كتابه ذخيرة العقبي في شرح المجتنى، بعد بحث طويل ومستفيض ما نصه: (39/ 315) 0" ما ترجم له المصنف – أي النسائي – وهو بيان الرخصة للحاكم الأمين، أن يحكم وهو غضبان، وقد علمتَ أنَّ الأرجح في ذلك عدم الرخصة، لأنَّ ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، لأنَّه معصوم في حالة الغضب، كحالة الرضا "0

أخوكم من بلاد الشام

أبو محمد السوري

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير