تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأَقُولُ: وَالشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ مَسْبُوقٌ بِهَذَا التَّعْلِيلِ وَالتَّضْعِيفِ، بِمَا ذَكَرَهُ الْعَلاَّمَةُ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ «الْوَهْمُ وَالإِيْهَامِ». وَنَصُّ عِبَارَةِ ابْنِ الْقَطَّانِ: «وَهُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَبُو حَيَّانَ هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَلَكِنَّ أَبُوهُ لا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَلا يُعْرَفُ مَنْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ. وَيَرْوِيهِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ: أَبُو هَمَّامٍ ابْنُ الزِّبْرَقَانِ. وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ لُوَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ أَبِي هَمَّامٍ. ثُمَّ سَاقَهَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ النَّهَاوَنْدِيِّ ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرْسَلٌ» اهـ كَمَا فِي «نَصْبِ الرَّايَةِ» لِلْحَافِظِ الزَّيْلَعِيِّ.

قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْقَطَّانِ فِى إِعْلالِ الْحَدِيثِ مَشْهُورٌ مُسْتَفِيضٌ عَنْهُ، نَقَلَهُ عَنْهُ الْكَثِيْرُونَ مِنَ الْحُفَّاظِ، كَالْحَافِظِ ابْنِ الْمُلَقِّنِ فِي «خُلاصَةِ الْبَدْرِ الْمُنِيْرِ (2/ 93)، وَالْحَافِظِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْوَادِيَاشِيِّ فِي «تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ إِلَى أَدِلَّةِ الْمِنْهَاجِ " (2/ 271)، وَالْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ فِى «تَلْخِيصِ الْحَبِيْرِ» (3/ 49)، وَالْحَافِظِ الْمُنَاوِيِّ فِى «فَيْضِ الْقَدِيْرِ» (2/ 308) وَالأَمِيْرِ الصَّنْعَانِيِّ فِى «سُبُلِ السَّلامِ» (3/ 46)، وَالْقَاضِى الشَّوْكَانِيُّ فِى «نَيْلِ الأَوْطَارِ» (5/ 390)، وَشَمْسِ الْحَقِّ الْعَظِيمْ آبَادِيِّ فِى «عَوْنِ الْمَعْبُودِ» (9/ 170) وَغَيْرِهِمْ.

إِلاَّ أَنَّ الْحَافِظَ ابْنَ الْمُلَقِّنِ الشَّافِعِيَّ تَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: «أَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِمَا بَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ»، وَكَذَا قَالَ الْحَافِظُ الْوَادِيَاشِىُّ.

قُلْتُ: وَهُوَ كَمَا قَالا، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَلا عِبْرَةَ فِى تَضْعِيفِهِ لِلْوُجُوهِ الآتِيَةِ:

[أَوَّلاً] سَعِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ، وَالِدُ يَحْيَى بْنِ حَيَّانَ، لا حُجَّةَ فِي تَضْعِيفِهِ بِقَوْلِ الْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ عَنْهُ: «لا يَكَادُ يُعْرَفُ»، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عِبَارَاتِ التَّضْعِيفِ عِنْدَهُ، بَلْ قَالَ: فَمَا كُلُّ مَنْ لا يُعْرَفُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَكِنْ هَذَا الأَصْلُ.

قَالَ فِي «مِيزَانِ الاعِتْدَالِ» (1/ 211): أَسْقَعُ بْنُ الأَسْلَعَ مَا عَلِمْتُ رَوَى عَنْهُ سِوَى سُوَيْدِ بْنِ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ، وَثَّقَهُ مَعَ هَذَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، فَمَا كُلُّ مَنْ لا يُعْرَفُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَكِنْ هَذَا الأَصْلُ.

وَالْحَافِظ الذَّهَبِيُّ هُوَ الْحَكَمُ الَّذِي تُرْضَى حُكُومَتُهُ، فَقَدْ عَدَلَ وَبَرَّ، وَسَبَرَ أَحَادِيثَ الْمَجَاهِيلِ وَاعْتَبَرَ، فَمَا كُلُّ مَجْهُولٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ!، فَقَدْ احْتَجَّ إِمَامُ الأَئِمَّةِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّيْخَانِ: الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِجَمْعٍ كَثِيْرٍ مِنَ الْمَجَاهِيلِ، وَكَذَلِكَ وَثَّقَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ جَمَاعَةً مَعَ مَا فِيهِمْ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَهَؤُلاءِ الأَئِمَّةُ الْفُحُولِ هُمُ الْعُمْدَةُ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّوْثِيقِ.

فَالْقَاعِدَةُ عِنْدَ الْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ فِيمَنْ «لا يُعْرَفُ» مَا أَصَّلَهُ بِقَوْلِهِ فِي «دِيوَانِ الضُّعَفَاءِ» (ص478): «وَأَمَّا الْمَجْهُولُونَ مِنَ الرُّوَاةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَوْ أَوْسَاطِهِمْ؛ احْتُمِلَ حَدِيثُهُ، وَتُلُقِيَ بِحُسْنِ الظَّنِّ؛ إِذَا سَلِمَ مِنْ مُخَالِفَةِ الأُصُولِ وَرَكَاكَةِ الأَلْفَاظِ» اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير