يُرْوَى مِنْ طَرِيقِ مُحَمِّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِي تُرَابٍ عَسْكَرِ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخْعِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا بِهِ.* (2)
وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي تُرَابٍ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ.
* مُحَمِّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الْخَطِيبُ الْأَصْبَهَانِيُّ.
لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى جَرْحٍ أَوْ تَوْثِيقٍ، تَرْجَمَ لَهُ تِلْمِيذُهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي "طَبَقَاتِهِ" (3/ 335)، وَرَوَى عَنْهُ، قَالَ:
الْخَطِيبُ، مِنَ الْقُرَّاءِ الْكِبَارِ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ، حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآَنِ، كَتَبَ عَنْ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَعَبْدِ الْجَبَّارِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَابِدِيَّ وَسَلَمَةَ، وَالنَّاسِ، تُوُفَّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. اهـ
•ـتُ: رَحِمَ اللَّهُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ، لَكِنْ هَذَا لاَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الضَّابِطِينَ الْمُتْقِنِينَ حَتَّى نَقْبَلَ تَفَرُّدَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الْأَصْبَهَانِيِّ الْغَرِيبِ!
* أَبُو تُرَابٍ عَسْكَرُ بْنُ الْحُصَيْنِ النَّخْشَبِيُّ الزَّاهِدُ.
صَاحِبُ حَاتِمٍ الْأَصَمِّ، مَعْرُوفٌ بِالتَّوَكُّلِ وَالسِّيَاحَةِ وَالزُّهْدِ وَالتَّصَوُّفِ. تَرْجَمَ لَهُ الْخَطِيبُ (3) وَابْنُ عَسَاكِرَ (4) وَالذَّهَبِيُّ (5) وَغَيْرُهُمْ.
•ـتُ: رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَأَنِ=مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي يَعْلَى فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ (1/ 248)، وَغَيْرُهُ -مِمَّنْ تَرْجَمَ لِأَبِي تُرَابٍ-:
عَسْكَرُ بْنُ الْحُصَيْنِ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ الصُّوفِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَانَ يَحْضِرُ مَجْلِسَ إِمَامِنَا.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ [بْنِ حَنْبَلٍ]: جَاءَ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ إِلَى أَبِي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَجَعَلَ أَبِي يَقُولُ: "فُلاَنٌ ضَعِيفٌ، فُلاَنٌ ثِقَةٌ"، فَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: يَا شَيْخُ لاَ تَغْتَبِ الْعُلَمَاءَ. فَالْتَفَتَ أَبِي إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ هَذَا نَصِيحَةٌ لَيْسَ هَذَا غِيبَةً. اهـ
وَإِنِّي لَأَكَادُ أَُجْزِمُ أَنَّهُ -أَبُو تُرَابٍ- أَخْطَأَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ فَإِنَّ أَبَا تُرَابٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الثِّقَةِ الْحَافِظِ الْفَاضِلِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامَانِ: ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"، وَأَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ" هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ نُمَيْرٍ أَيْضًا، وَلَكِنْ عَنْ بَكْرِ بْنِ يُونُسَ ... حَدِيثَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ (عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ)!!!
وَرُوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ وَأَبِي يَعْلَى هِيَ الْمَعْرُوفَةُ، وَمَا سِوَاهَا شَاذٌّ مُنْكَرٌ خَطَأٌ!
وَبِذَلِكَ يَكُونُ حَدِيثُ جَابِرٍ شَاهِدًا وَهْمِيًّا، وَرُدَّ حَدِيثُ جَابِرٍ إِلَى حَدِيثِ عُقْبَةَ فَصَارَا حَدِيثًا وَاحِدًا.
صَارَ صِفْرًا رَابِعًا حَدِيثُ جَابِرٍ.
وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْكَرٌ كَمَا قَالَ أَئِمَّةُ النَّقْدِ؛ فَلاَ يُشَدُّ بِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ وَالشَّوَاهِدِ؛ إِذْ أَنَّ جَمِيعَهَا شَدِيدُ الضَّعْفِ وَاهِنٌ، لاَ يَرْقَى إِلَى الْحُسْنِ فَضْلاً عَنِ الصِّحَّةِ!
وَاللَّهُ أَحْكَمُ،
وَبِالصَّوَابِ أَعْلَمُ.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1): أَخْرَجَ حَدِيثَ جَابِرٍ:
¥