أَبُو الشَّيْخِ فِي "طَبَقَاتِهِ" (ح1262) وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِي "طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ" (1/ 54)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ" (10/ 221) وَفِي "أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ" (ح40629)، وَمِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِهِ" (40/ 340).
(2): قَوَّى الشَّيْخُ الْعَلاَّمَةُ الْأَلْبَانِيُّ -طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ- فِي "صَحِيحَتِهِ" (ح727) حَدِيثَ عُقْبَةَ بِهَذَا الشَّاهِدِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، فَقَالَ:
((وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَيَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ... فَذَكَرَهُ. أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ" وَابْنُ عَسَاكِرٍ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ".
قُلْتُ (الْأَلْبَانِيُّ): وَهَذَا سَنَدٌ لاَ بَأْسَ بِهِ فِي الشَّوَاهِدِ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ غَيْرُ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الْقَاضِي، وَهُوَ صَدُوقٌ سَيِّءُ الْحِفْظِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ، هُوَ أَخُو عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: "لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ".
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ الْحَدِيثَ بِهَذَا الشَّاهِدِ حَسَنٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ)).اهـ
•ـتُ: وَفِي كَلاَمِ الشَّيْخِ نَظَرٌ:
سَاقَ الشَّيْخُ السَّنَدَ مِنْ عِنْدِ ابْنِ ثَابِتٍ، وَأَغْفَلَ ذِكْرَ مَنْ قَبْلَهُ، مَعَ أَنَّ ابْنَ مُصْعَبٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ أَبِي تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: "رِجَالُهُ ثِقَاتٌ". وَقَدْ مَرَّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ وَعَسْكَرَ بْنَ الْحُصَيْنِ لَمْ يُوَثِّقْهُمَا -فِي الْحَدِيثِ والضَّبْطِ- أَحَدٌ مِنْ النُّقَّادِ.
ثُمَّ إِنَّ الشَّيْخَ جَزَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ أَخُو عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُنَاكَ أَكْثَرُ مِنْ "مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ" بَصْرِيٌّ، مِنْ نَفْسِ الطَّبَقَةِ. وَفِيهِمُ الضَّعِيفُ وَاللَّيِّنُ وَالصَّدُوقُ.
حَتَّى وَإِنْ صَحَّ الْإِسْنَادُ إِلَى شَرِيكٍ فَلاَ يَخْلُو مِنْ مَقَالٍ، فََشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخْعِيُّ كَثِيرُ الْغَلَطِ، حَتَّى قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: "أَخْطَأَ شَرِيكٌ فِي أَرْبَعِمِائِةِ حَدِيثٍ"، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: "يُخْطِئُ عَلَى الْأَعْمَشِ"، وَهَذَا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ الْأَعْمَشِ-وَفِيهَا عَنْعَنَتُهُ-؛ لِذَلِكَ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ مِنَ السِّتَّةِ شَيْئًا عَنِ الْأَعْمَشِ إِلاَّ ابْنَ مَاجَهْ.
ثُمَّ أَيْنَ أَصْحَابُ الْأَعْمَشِ الثِّقَاتُ -وَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا-؟ وَلِمَاذَا لاَ يَرْوِيهِ عَنْهُ غَيْرُ شَرِيكٍ وَيَتَفَرَّدُ بِهِ؟. لَوْ كَانَ عِنْدَ الْأَعْمَشِ حَدْيثُ جَابِرٍ=لَحَمَلَهُ الثِّقَاتُ عَنْهُ.
هَذَا إِنْ ثَبَتَ السَّنَدُ إِلَى شَرِيكٍ، وَإِلاَّ فَإِنِّي قَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ أَبَا تُرَابٍ أَخْطَأَ عَلَى ابْنِ نُمَيْرٍ، وَخَالَفَ الثِّقَتَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ الشِّيْخُ أَنَّ الْحَدِيثَ بِهَذَا الشَّاهِدِ حَسَنٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ. مَعَ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَالَ أَنَّهُ "حَسَنٌ غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ"!
وَهَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ يَقْصِدُ بِالْحُسْنِ هُنَا الْقَبُولَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
كَذَا حَسَّنَ الْحَدِيثَ لِشَوَاهِدِهِ الشَّيْخُ الْجَلِيلُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْأَرْنَاؤُوطُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وَرَمَزَ لَهُ السِّيُوطِيُّ بِالصِّحَّةِ فِي جَامِعِهِ، وَهَذَا مِنْ تَسَاهُلِهِ.
•?• قَالَ شَيْخُنَا "فَتَاوَى أَبِي إِسْحَاقَ الْحُوَيْنِيِّ" (1/ 158) بَعْدَ أَنْ حَكَمَ عَلَى حَدِيثِ "الرِّبَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَدْنَاهَا الَّذِي يَنْكِحُ أُمَّهُ ... " بِالنَّكَارَةِ وَالْبُطْلاَنِ، -وَقَدْ قَوَّاهُ الشِّيخُ الْأَلْبَانِيُّ-:
((قُلْتُ (الْحُوَيْنِيُّ): فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَحْثِي حَوْلَ دَرَجَةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَثْبَتُّ بِالْبُرْهَانِ بُطْلاَنَهُ، وَأَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ مَوْقُوفًا، وَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ كَمَا لاَ يَخْفَى عَلَى أَرْبَابِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ، وَأَمَّا شَيْخُنَا -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَهُوَ الْعَلَمُ الْمُفْرَدُ فِي هَذَا الْفَنِّ، وَلَكِنْ كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، إِلاَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَا اسْتَفَدْنَا هَذِهِ الْفَائِدَةَ إِلاَّ مِنْ شَيْخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَدْ هَزَّ الْعُقُولَ، وَأَنَارَ الْبَصَائِرَ، وَأَنْقَذَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ رَانِ التَّقْلِيدِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَتْرَى عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ)). اهـ
(3): تَارِيخُ بَغْدَادَ (12/ 315).
(4): تَارِيخُ دِمَشْقَ (40/ 340).
(5): السِّيَرُ (11/ 545).
وَابْنُ آَدَمَ إِلَى الْعَجْزِ، وَالضَّعْفِ، وَالْعَجَلَةِ أَقْرَبُ!
وَإِنِّي لاَ أَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ لِي خَلَلٌ، لَكِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنِ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ!
فَجَزَى اللَّهُ خَيْرًا مَنْ أَدَّى إِلَيَّ حَقَّ النَّصِيحَةِ، وَأَلاَنَ لِيَ الْقَوْلَ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
. . . . .
. . .
.
¥