تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شيوخه.

فكلمة ابن الصلاح: "إن أول من نوه بهذا النوع هو الإمام الترمذي". هي الأدق وهي الأسلم من الاعتراض؛ لأن التنويه معناه: المناداة والرفع. يقال: نوهه أو نوه به، إذا ناداه ورفعه. فكأن الترمذي رفع من هذا الاسم؛ لأن هذا الاسم كان عند أهل العلم مغمورا لم يكن مشتهرا، فالعبارات التي كانت معروفة عند أهل العلم: "صحيح وضعيف ومنكر وباطل وموضوع وكذب وغير محفوظ" هذه عبارات مشهورة عند الأئمة في الحديث، أما كلمة حسن فهي نادرة؛ ولهذا أهل العلم صاروا يجمعونها جمعا من بطون الكتب لقلتها.

وأما التصحيح كلمة "صحيح" وكلمة "ضعيف" وغيرها، هذه كثيرة ومنتشرة في كتبهم، لا حاجة لاستقصائها؛ لأنها لو استقصيت لطالت، بخلاف كلمة "الحسن" فقوله: "إنه أول من نوه". معناها: إنه رفع من هذه الكلمة، فكأنها كانت مغمورة، فهو رفعها وأشهرها بين الناس؛ لكثرة استخدامها له واستعماله إياها في كتابه هذا.

فإذا قلنا: "أول من نوه بهذه الكلمة". فهذه الكلمة لا غبار عليها، فيقول الحافظ الذهبي -رحمه الله-:

"إن كان يعتقد أنه أول من خص هذا النوع بهذا الاسم، اعتقادا منه هذا الاعتقاد -لا يوافقه عليه كثير من أهل العلم، منهم: الحافظ ابن رجب، والحافظ ابن حجر وغيرهم، وقد استدلوا على ما ذكروه، وإما أن يكون المؤلف اختصر الكلام، وأراد التعبير عن كلام الحافظ ابن الصلاح -رحمه الله-، ولكن لم يتقن هذه العبارة كما كان ينبغي بل تجوز فيها- فنعود إلى عبارة ابن الصلاح، وهي الأدق والأسلم عن الاعتراض". نعم.

تعريف الحديث الحسن عند الترمذي

وذكر أنه يريد به أن يسلم راويه من أن يكون متهما.


هذا الآن بيان لحد الحديث الحسن عند الإمام الترمذي -رحمه الله-، والإمام الترمذي -رحمه الله- في هذا التعريف هو قال: "والحسن عندنا". وكلمة أو حرف "نا" هذا اختلف أهل العلم في تفسيره، وبناء على هذا الاختلاف اختلفوا في هذا الحديث الحسن، فكلمة "نا" هذه، بعضهم قال: "إنها الترمذي، يقصد بها نفسه لا من باب التعظيم، وإنما من باب إظهار نعمة التلبس بالعلم الشرعي". أو يكون المراد: "يعني: عندنا نحن أهل الحديث". فبعض أهل العلم يقول: "المراد عندنا".

يعني: عند الترمذي، وبعضهم يقول: "عندنا". يعني: عند أهل الحديث؛ لأن هذه الضمائر إذا أطلقت -أحيانا- ترجع إلى أهل الاختصاص، وهنا يرجعها بعض أهل العلم إلى الاختصاص، وبناء على هذا اختلفوا في هذا التعريف الذي ذكره الإمام الترمذي: هل هو خاص بالترمذي في تأليف الحسن؟ أو هو عام للترمذي وغيره من أئمة الحديث؟

ثم ذكر أن الترمذي -رحمه الله- يشترط في الحديث الحسن ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يكون راويه سالما من التهمة. والتهمة هنا، أو عبارة الترمذي في أن المؤلف هنا أوردها بما يقاربها، وعبارة الترمذي: "ألا يكون راويه متهما". والاتهام -كما سبق لنا- اتهام في الدين، واتهام بالكذب، وكلاهما مستعمل عند أهل الحديث، فالراوي المتهم في دينه، هذا يطرح حديثه -كما سبق- ولا يلتفت إليه، والراوي المتهم بالكذب -أيضا- يطرح حديثه ولا يلتفت إليه، فإذا كان الراوي المتهم بالكذب، لا يصلح حديثه في الحسن -فمن باب أولى ألا يصلح حديث الكذاب الذي ثبت كذبه، أو حديث السارق الذي يسرق الحديث، فهذه العبارة إذن عبارة الترمذي: "ألا يكون راويه متهما .. " تخرج المتهم في عدالته، أو المطعون في عدالته، وتخرج -أيضا- المتهم بالكذب، وتخرج -أيضا- الكذاب والسارق من باب أولى، لكن يبقى ما بعد المتهم: يبقى كثير الغلط، يبقى سيئ الحفظ، يبقى المختلط، وهكذا مما هو دون هذه الأوصاف في الضعف. نعم.

تعريف الحديث الحسن عند الترمذي -تابع
وأن يسلم من الشذوذ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير