تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن كان يأتي فيشكل عليه ألا يكون راويه متهما؛ لأن هذه العبارة لا يستخدمها أهل العلم في الثقات، وإنما يستخدمونها فيمن دون الثقات، وإن كان لا يأتي الثقة هنا، فما معنى الشذوذ ها هنا؟

الشذوذ هنا -الظاهر والله أعلم- أنه يقصد به: مطلق التفرد "مطلق تفرد الضعيف" يعني: ألا يتفرد به ضعيف، على معنى أن هذا الحديث إذا جاءنا راو سيئ الحفظ، فروى لنا حديثا -نقول: "هذا حديث شاذ". لكن إذا تابعه غيره ممن هو في منزلته أو فوقه -نقول: "انتفى الشذوذ". ولو لم يكن مخالفا في هذا الحديث، لا في إسناده ولا في متنه، وهذه العبارة تدلك على أن الشاذ -كما سبق لنا- لا يصلح أن يتابِع ولا يتابَع، بل وجوده كعدمه، لكن على هذا التفسير الظاهر من العبارة، يبقى إشكال آخر في العطف.

الشرط الثالث: فيكون الشرط الثالث إما أن يكون أنه تأكيد لهذا الشرط، يقول: "يبقى أنه يكون الشرط الثالث مؤكد للشرط الثاني". وعليه يصلح أن نقول: "إن الترمذي ما اشترط إلا شرطين" لأن الشرط الثالث ما هو إلا مؤكد للشرط الثاني، فقوله: "يروى من غير وجه نحو ذلك" يعني: أن يكون الحديث، هذا الحسن قد تعددت طرقه، إذا تعددت طرقه زال شذوذه، زال الشذوذ وهو مطلق التفرد.

هذا هو ما يظهر من عبارة الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-، وهذه العبارة أو هذا التعريف، إنما هو منطبق على الحديث الحسن لغيره، ولا يشمل الحسن لذاته، ولعل الإمام الترمذي ممن يجعل الحديث الحسن لذاته قسما من أقسام الصحيح، وفي أدنى مراتب الصحيح، كما يصنعه جملة كبيرة من أهل العلم.

فالشاهد من هذا أن الحديث الحسن، أو كلام الترمذي هذا، متعلق بالحديث الحسن لغيره، وعلى هذا يكون الحديث الحسن لغيره، هوالذي يكون في راويه ضعف، وينجبر بمجيئه من طريق أُخرى.

وقوله: "ويروى من غير وجه ونحو ذلك أو نحوه". وهذه عبارة الترمذي.

النحو هنا يقال: "نحوه في الأحاديث". المراد به المعنى -كما سيأتي إن شاء الله -نحوه: يقصد به المعنى، أما مثله: فيقصد به اللفظ ذاته، أو بلفظ قريب جدا لا يختلف إلا يسيرا، وأما إذا قالوا: "بنحوه أو بمعناه" فمعناهما واحد، كما سيأتي -إن شاء الله- في كلام الحافظ الذهبي في محله.

ونذكر لكم من كلام أهل العلم ما يؤيد هذا، مثل: الإمام الحافظ وغيرهم، وعلى هذا يكون المؤلف قد ذكر لنا ثلاثة تعاريف: تعريفا أو تعريفين أخذهما أو جاء بهما عن غيره، وتعريفا لنفسه هو، والتعريفان متعلقان بالحسن لذاته، وهو تعريف المؤلف، وتعريف الخطابي، وتعريف متعلق بالحديث الحسن لغيره، وهو الذي جاء به عن الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-.

وهذه الإطالة في هذين الموضعين في الحديث الصحيح والحديث الحسن هذه الإطالة لأنهما العمدة؛ لأن الإنسان إذا عرف الحسن والصحيح لم يعد يبقى يعني: كبير شيء بالنسبة للضعيف والمطروح وغيره من أنواع الحديث، ثم إن هذه الإطالة ناتجة عن إطالة الحافظ للذهبي- رحمه الله- نفسه، وهذه المواضع من المباحث المهمة التي ينبغي الاعتناء بها، غير أن هناك مواضع، يعني: ليس لها فائدة كبيرة بالنسبة لنا سيكون- إن شاء الله- الحديث عنها مرورا، والمؤمل بإذنه -تعالى-، يعني: أن يتم شرح هذا الكتاب في هذه الدورة بإذنه -تعالى- والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تعريف الحديث الحسن عند الترمذي -تابع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال الإمام الذهبي- رحمه الله تعالى-: وأما الترمذي، فهو أول من خص هذا النوع باسم الحسن، وذكر أنه يريد به: أن يسلم رواية من أن يكون متهما، وأن يسلم من الشذوذ، وأن يروى نحوه من غير وجه.

وهذا مشكل أيضا على ما يقول فيه حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير