تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومثل على ما يأتي -إن شاء الله- عند بعض أهل العلم في تفرد المجهول بما لا يتابع على أصله يعتبر عندهم من الأحاديث الموضوعة، ولا يقبلونه، وإن كانوا لا يصفون الرجل بالكذب، هذا يعني أمر من الأمور التي يحكم على الحديث فيها بأنه مطروح، وإذا كان فيه راو ضعيف جدا، كما نص عليه، أو كما هو الظاهر من صنيع المؤلف ها هنا، ويحكمون على الحديث أيضا بأنه مطروح إذا توالت فيه العلل، إذا رواه تسلسلت فيه رواية مجهولين مثلا، أو تسلسلت فيه رواية الضعفاء، وإن كان كل واحد منهم ليس ضعفه شديدا، أو توالت فيه علل مختلفة يكون فيه انقطاع من جهة، وضعف راو من جهة، وجهالة راو من جهة أخرى، وإرسال من جهة أخرى، فإذا كثرت العلل في الحديث هذا مما يؤدي إلى ضعف الحديث، وإن كانت كل علة منها ليست مضعفة بمفردها للحديث ضعفا شديدا، وهذه المسألة حرية بالاهتمام؛ لأن كثيرا من الناس ما يخطئ في ترقية الأحاديث، فإذا كان الحديث فيه علل كثيرة رقاه، لأنه يرى كل علة بمفردها ولا يرى المجموع، لكن الاعتبار عند أهل العلم بمجموع هذه العلل، فإذا كانت مجتمعة أثرت على الحديث، لكن لو انفردت واحدة منها بنفسها، وكانت في الحديث لا يشركها غيرها، فإن الحديث يترقى معها، أما إذا كثرت وتوالت وتتابعت، وإن كانت كل واحدة منها لا تقدح في الحديث قدحا شديدا إذا انفردت، فإنها إذا اجتمعت تقدح في الحديث قدحا شديدا، ولا يترقى معها الحديث.

وهناك أيضا أمر آخر وهو الإتيان بالحديث على خلاف المحفوظ، فإن غير المحفوظ يوصف بالضعف الشديد والاطراح والسقوط، وهذا شاهده ما صنعه الإمام مسلم -رحمه الله- في كتابه التمييز، فإنه لما جاء إلى حديث رواه ابن إسحاق، عن أبي هند، عن رجل، عن أبيه في أن من أدرك عرفة قبل طلوع الشمس، ليس قبل طلوع الفجر قبل طلوع الشمس، فإنه يكون مدركا لعرفة، هذا الحديث ذكر الإمام مسلم -رحمه الله- أنه ساقط مطرح؛ لأن الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تواطأت على خلافه، حديث عبد الرحمن بن يعمر، بأنه مقيدة للإدراك بأن يدرك الحاج عرفة قبل طلوع الفجر، وليس قبل طلوع الشمس، ثم إن عمل الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- والمأثور عنهم في هذا كما وردت به سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك الفقهاء من بعدهم لم يقل أحد ما دل عليه مضمون حديث محمد بن إسحاق، فهذه إذا جمعت مع جهالة الراوي، ومخالفته للمحفوظ كان حديثه ساقطا مطرحا؛ ولهذا الإمام مسلم -رحمه الله- حكم على هذا الحديث بأنه مطروح أو مطرح ساقط.

والحديث الضعيف جدا، هذا كما سبق لا يترقى ولا يرقي غيره، بمعنى: أنه إذا اجتمع عندنا حديث ضعيف جدا مع حديث ضعيف جدا مثله، فإننا لا نرقي هذا بهذا كما نرقي الضعيف بالضعيف، وإنما إذا كان هذا ضعيفا جدا، والآخر ضعيفا جدا، فالحديث ضعيف يعتبر ضعيفا جدا، وإن كثرت، فلو كان عندنا عشرة طرق أو خمسة عشر طريقا كلها في أسانيدها من هو ضعيف جدا، فإن هذه لا يرقي بعضها بعضا، بل يحكم عليها بأنها أحاديث ضعيفة جدا، أو بأنه حديث ضعيف جدا، وكذلك لو كان الحديث ضعيفا جدا، وجاءه حديث صحيح، فإنه لا يرقيه، ولو جاءه حديث حسن، فإنه لا يرقيه، ولهذا أهل العلم تراهم يقولون: هذا الحديث بهذا الإسناد هالك أو ساقط أو مطرح أو واه، فيقيدونه بهذا الإسناد لوروده بأسانيد أخرى صحيحة، وهذا كما يوجد في علل ابن أبي حاتم وعلل الدارقطني ترى أحاديث متونها صحيحة ثابتة في الصحيحين، ولكن الأسانيد المذكورة في كتب هذه العلل غير الأسانيد الموجودة في الصحيحين، ولهذا يحكمون على الحديث بأنه باطل أو مطروح، ولا يرقونه بالأحاديث الأخرى الموجودة بأسانيد صحيحة، بل قد يكون بعضها، قد بلغ الغاية في الصحة.

فالحديث الضعيف جدا مهما تعددت الطرق، ومهما صحت الطرق، ومهما بلغت ما بلغت، فإنه يبقى على ضعفه جدا ولا يترقى، فإنه يبقى على ضعفه ولا يترقى، وأما بالنسبة لمن هو أرفع منه من الضعيف فما فوقه، فهذا يترقى إذا ورد له، ورد حديث مساو له في القوة أو أقوى منه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير