تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه أسانيد واهية معروفة عند أهل العلم، وأصحابها قد تكلم في ضبطهم تكلما شديدا، وتكلم في عدالتهم، وليس المراد كل السلسلة، وإنما المراد الراوي الأول المذكور منهم، وأما البقية فمنهم الثقة، ومنهم من هو دون ذلك، وبقطع النظر أيضا عن العلل الأخرى الموجودة في مثل هذه الأسانيد فمرة الطيب روايته عن أبي بكر -رضي الله عنه- مرسلة لكن ليست هي المقصودة، وإنما المقصود بالذات بالراوي الراوي الأعلى أو الراوي الأدنى الذي ذكره المؤلف، وهو الذي افتتح به الإسناد.

فهؤلاء المذكورون كلهم قد تكلم فيهم كلاما شديدا، حتى إن بعضهم قد كذب، لكن بما أنه لم يقطع بالكذب، لذلك كان حديثهم حديثا ضعيفا جدا، ووجود مثل هؤلاء الرواة في الأسانيد يوهيها ويضعفها جدا. والمؤلف -رحمه الله- اقتصر على جزئية متعلقة بضعف الحديث جدا، وهي إذا كان الكلام للراوي، ولكن عمل العلماء من القديم على أن الحديث يكون واهيا بأمور أكثر من هذا.

فمن الأمور التي ذكرها أهل العلم: الأمر الأول: إذا كان في الحديث راو ضعيف جدا، وهو الذي ذكره المؤلف ها هنا.

فمثلا: حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك الموقين على خفيه في غزوة تبوك ثلاثا، هذا حديث يصلح مثالا للمطروح؛ لأن في إسناده جعفر بن الزبير الحنفي، وهو متروك، وهو من رجال ابن ماجه، ورجال ابن ماجه، أو سنن ابن ماجه هي من أضعف الكتب الستة، بل هي أضعف الكتب الستة، وخاصة فيما تفرد به ابن ماجه -رحمه الله-.

فالذهبي -رحمه الله- ذكر أن فيها نحواً من ألف حديث ليست بحجة، والحافظ المزي -رحمه الله- ذكر أن غالب أحاديث ابن ماجه أو التي تفرد بها ابن ماجه غالبها ضعيف، وسنن ابن ماجه فيها الواهيات وفيها بعض الموضوعات ولكنها قليلة كما نص على ذلك أهل العلم.

وأما بالنسبة للترمذي، وهو الذي قرنه المؤلف معه في هذا، فالترمذي جامعه ذكر الذهبي أن فيه الواهيات، وفيه أيضا الموضوع، لكن هذا الكلام من الذهبي -يعني- يرده كلام الحافظ ابن رجب، وهو أدرى بهذا الكتاب؛ لأنه شرحه، وتكلم عليه في أسانيده ومتونه فذكر أن الترمذي -رحمه الله-، لم ينفرد أو لم يخرج لواحد من هؤلاء المتهمين بالكذب باتفاق، لم يخرج له إسنادا مفردا، وإنما خرج حديثه لكونه قد وقع الاختلاف في سند هذا الحديث، وهذا ضمن المختلف، أو مذكور ضمن هؤلاء المختلفين، أو يكون العمدة ليس على هذا الإسناد، وإنما يورد إسناد هذا المتهم، ويورد معه إسنادا آخر، وكلام الحافظ ابن رجب هو الأليق؛ لأن الحافظ ابن رجب أدرى بهذا الكتاب من الإمام الذهبي -رحمه الله-.

وكتاب الترمذي ما حط من قدره عند أهل العلم إلا لأنه صحح لرجال أحاديث، وهم ضعفاء جدا، بل مرميون بالكذب، وصحح حديث كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده، وهذه النسخة وصفها بعض العلماء بأنها نسخة موضوعة كالإمام الشافعي -رحمه الله-. والترمذي لم يكتف بالتخريج، وإنما صحح حديث كثير بن عبد الله الصلح جائز بين المسلمين من هنا ذكر الذهبي في الميزان في ترجمة كثير هذا، قال: إنه لما خرج لكثير، وصحح حديثه هذا: "الصلح" ... قال: من هنا لم يعتمد أهل العلم على تصحيح الإمام الترمذي.

والشاهد من هذا أن الترمذي في كتابه جملة من المتهمين بالكذب مثل: محمد بن سعيد المصلوب، ومثل كثير بن عبد الله المزني، وجماعة آخرون، فهو لا -يعني- فهو مظنة لوجود الحديث الضعيف جدا، كما أن ابن ماجه أو كتاب ابن ماجه مظنة لوجود الحديث الضعيف جدا.

والمثال الذي سبق، سبق أن ذكرنا لكم أن فيه جعفر بن الزبير الحنفي، وهو ضعيف جدا متروك، بل طعن حتى في، طعن بعضهم حتى في عدالته من جهة الرواية.

وأيضا هناك مثال آخر، وهو حديث ابن عباس أن عثمان سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن "بسم الله الرحمن الرحيم" فقال: هي اسم الله الأعظم وهذا الحديث رواه، تفرد به سلام بن وهب الجندي، وهذا سلام ليس له إلا حديث واحد فقط، ومع ذلك لا يتابع عليه، فمثل هذا الرجل، يكون حديثه مطروحا، وإن لم يكن له إلا حديث واحد؛ لأنه لما اعتبره أهل العلم وجدوا أنه قد تفرد به، وهذه الطريقة طريقة أهل العلم إذا كان الراوي تفرد بحديث ولا يتابع عليه، فيحكمون على هذا الحديث بأنه منكر، بل أعلى من المنكر، بل يحكم كما حكم بعض أهل العلم على هذا الحديث بأنه حديث كذب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير