تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[02 - 07 - 07, 01:04 ص]ـ

الحديث الموضوع

تعريف الحديث الموضوع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى-:

الحديث الموضوع ما كان متنه مخالفا للقواعد، وراويه كذابا، كالأربعين الودعانية، وكنسخة علي الرضا المكذوبة عليه.


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فهذا شروع في النوع الخامس من أنواع الأحاديث، وهو الحديث الموضوع.

والحديث الموضوع: هو الحديث المكذوب على النبي - صلى الله عليه وسلم.

ويعبر عنه العلماء كثيرا بالحديث الباطل، وبالكذب، ويقولون أيضا في شأنه: لا أصل له.

وهذه الكلمة: "لا أصله له" ينبغي أن يُفَرِّق الإنسان بين ورودها، أو إذا وردت في الحديث المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتارة يقولون: هذا الحديث لا أصل له. يعنون أنه كذب باطل مطلقا، وتارة يعنون أنه لا أصل له، أي: أنه لا تصح نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد تصح نسبته إلى أحد الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- كما في حديث عمار: من صام اليوم الذي يُشَكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

فهذا الحديث قال بعض العلماء: لا أصل له. وليس معناه أنه لا يُعْرَف حتى عن عمار؛ وإنما معناه أنه لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو لا أصل له من حديثه - صلى الله عليه وسلم.

والحديث الموضوع ذكر المؤلف ها هنا له وصفين: الوصف الأول: أن يكون متنه مخالفا للقواعد، والمراد بالقواعد هي القواعد الكلية في الشريعة، المبنية على نصوص الكتاب والسنة.

والشرط الثاني: أو الوصف الثاني: أن يكون راويه كَذَّابا.

فهذان الوصفان إذا تحققا في حديث ما وُصِفَ بأنه حديث موضوع، لكن هل يشترط توافر هذين الشرطين في كل حديث موضوع؟ أو لو جاءنا حديث بإسناد فيه راوٍ كذاب -وإن كان متنه لا يخالف القواعد- فهل نحكم عليه بأنه موضوع؟

وكذلك لو جاءنا حديث متنه مخالف للقواعد، إلا أن إسناده قوي، أو دون الوضع، فهل يُحْكَم له بأنه موضوع؟

لا شك أن كل حديث توفرت فيه أحد هاتين الصفتين -ولو منفردة- يُسَمَّى حديثا موضوعا، وإنما ذكر المؤلف ها هنا أعلى مراتب، أو الوصف الأعلى لمراتب الموضوع، فالحديث الذي يكون متنه مخالفا للقواعد، وراويه كذابا، هذا هو يكون أسوأ الموضوعات؛ لأنه جمع بين وضع المتن ووضع الإسناد.

وأما إذا توافرت فيه صفة من هاتين الصفتين فيحكم له -أيضا- بالوضع، وسيأتي في كلام المؤلف -رحمه الله- ما يدل على هذا.

فلا يُفْهَم من قول المؤلف: أن يكون متنه منافيا للقواعد، وأن يكون راويه كذابا، لا يُفْهَم من هذا أنه لا بد من اجتماع الصفتين للحكم على الحديث بأنه موضوع، بل يكفي وجود إحدى الصفتين.

ومَثَّل المؤلف بالأربعين الودعانية، نسخة علي أبي موسى الرضا عن آبائه.

أما الأربعون الودعانية، فهذه افتعلها رجل يقال له: زيد بن رفاعة الهاشمي، وهذا مُتَرْجَمٌ له في اللسان في موضعين: في زيد، وفي رفاعة، وفي الميزان.

هذا زيد بن رفاعة جاء إلى أسانيد صحيحة، ورَكَّبَ عليها متونا كَذَبها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأودعها أربعين خطبة زعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قالها، وجاء عليها بأسانيد صحيحة.

ثم سرقها منه القاضي حاكم الموصل أبو نصر بن ودعان، سرقها ونسبها إلى نفسه، فهذه الودعانية أحاديث مسروقة عن أحاديث موضوعة، فهي سوء على سوء.

والأحاديث التي فيها كلها لا تصح، بل مكذوبة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يسلم منها إلا نذر يسير، أكثره لا يتم إلا بعد التتبع والتقصي، وقد تكلم على هذه النسخة أبو طاهر السلفي، والحافظ المزي، وجماعة آخرون، وبَيَّنُوا بطلان نسبتها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم.

وأما النسخة -نسخة علي الرضا عن آبائه- فهذه يرويها عبد الله بن أحمد بن عامر، عن أبيه، وهذا عبد الله توفي سنة ثلاثمائة وأربع وعشرين من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذه النسخة يرويها عبد الله بن أحمد بن عامر، عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه من آل البيت.

وهذه -أيضا- نسخة كذب، والكاذب فيها إما عبد الله بن أحمد بن عامر، وإما أبوه.

الشاهد من هذا أن هذه نسخة أوردها العلماء في كتب الموضوعات، وبَيَّنوا أن كل حديث يُنْسَب إليها فهو مكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم. نعم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير