وقد يفهم البعض تضعيف الأحاديث من هذه الجملة وليس كذلك، وجلُّ ما فيها نفي إجماع الأمة تلقيها بالقبول.
ولذا قال الإمام العُقَيلي:" لما ألف البخاري كتاب الصحيح، عَرَضَه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعليّ بن المديني وغيرهم، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث".
قال العقيلي:"والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة".
ولا أريد أن أطيل أكثر ويكفي أخيراً أن أنقل وأذكر هنا الجواب العام الذي ذكره الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص246 - 247) على من انتقد أحاديث في الصحيحين، وأنا أرجو أن تقرأ هذه الفقرة بتؤدة وبعين بصيرة غايتها الوصل للحق.
قال رحمه الله:" والجواب عنه على سبيل الإجمال، أن نقول: لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمُعلَّل،
فإنهم لا يختلفون في أن عليّ بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث وعنه أخذ البخاري ذلك، حتى كان يقول: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ بن المديني، ومع ذلك فكان عليّ بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول: دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه.
وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري، وقد استفاء منه ذلك الشيخان جميعاً.
وروى الفربري عن البخاري قال:" ما أدخلتُ في الصحيح حديثاً إلا بعد أن استخرتُ الله تعالى وتيقنت صحّته.
وقال مكي بن عبدالله سمعت مسلم بن الحجاج يقول: عرضتُ كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته.
فإذا عُرِف وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما.
فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضاً لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة.
وأخيراً أقول ما قاله الحافظ (ص383):" فإذا تأمل المنصف ما حررته من ذلك عَظُم مقدار هذا المُصنِّف – يقصد الإمام البخاري رحمه الله – في نفسه، وجل تصنيفه في عينه، وعَذَر الأئمة من أهل العلم في تلقّيه بالقبول والتسليم، وتقديمهم له على كل مُصنّف في الحديث والقديم.
وليسا سواء من يدفع بالصدر فلا يأمن دعوى العصبية ومن يدفع بيد الإنصاف على القواعد المرضية والضوابط المرعية.
فلله الحمد الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والله المستعان وعليه التكلان.
ـ[أبو عبد الرحمن الحسن]ــــــــ[12 - 07 - 07, 12:12 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي .. استفدت حقا من كلامك ..
وأن خلاصته هو أن تصحيح البخاري ومسلم لأحاديثهما مقدم على تضعيف غيرهما لأحاديثهما .. لأنهم الأعلم والأقوى في علم الحديث ..
ولكن هذا يدفعني لسؤال آخر ..
كيف أوقن بصحة حديث يكون مختلف على صحته بين علماء الحديث؟ هذا يصنع لي تشكيك .. فما الحل؟
ـ[عزالدين محمد]ــــــــ[12 - 07 - 07, 01:52 ص]ـ
أنقل إليكم حديثا ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في البخاري و مسلم .. و لقد شرح وجهة نظره و برأ نفسه من تهمة تضعيف الشيخ للصحيحين
" إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات .. ".
قال العلامة الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (3/ 463):
ضعيف
أخرجه البخاري (6478 فتح) و أحمد (2/ 334) و المروزي في " زوائد الزهد " (4393) و البيهقي في " الشعب " (2/ 67/1) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار , عن أبيه عن أبي صالح , عن # أبي هريرة # مرفوعا به.قلت: و هذا إسناد ضعيف , و له علتان:
الأولى: سوء حفظ عبد الرحمن هذا مع كونه قد احتج به البخاري , فقد خالفوه
و تكلموا فيه من قبل حفظه , و ليس في صدقه.
1 - قال يحيى بن معين: " حدث يحيى القطان عنه , و في حديثه عندي ضعف ".
رواه العقيلي في " الضعفاء " (2/ 339/936) , و ابن عدي في " الكامل " (4/ 1607
).
2 - قال عمرو بن علي: لم أسمع عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) يحدث عنه بشيء قط
.
رواه ابن عدي.
3 - و قال أبو حاتم: " فيه لين , يكتب حديثه و لا يحتج به ".
رواه ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " (2/ 4/254).
4 - قال ابن حبان في " الضعفاء " (2/ 51):
" كان ممن ينفرد عن أبيه بما لا يتابع عليه مع فحش الخطأ في روايته , لا يجوز
¥