الْحَدِيث , فَلَعَلَّهُ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ مِنْ حِفْظه فَغَلِطَ فِيهِ , كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الْمَشْهُور عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِق , ثُمَّ أَلْقَاهُ ". وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيث شَاذّ أَوْ مُنْكَر كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ , وَغَرِيب كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ.
ثُمَّ قَالَ: هَذَا شَاهِد ضَعِيف. وَإِنَّمَا ضَعْفه لِأَنَّ يَحْيَى هَذَا قَالَ فِيهِ الْإِمَام أَحْمَدُ: وَاهِي الْحَدِيث , وَقَالَ اِبْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ , وَضَعَّفَهُ الْجَمَاعَة كُلّهمْ. وَأَمَّا حَدِيث يَحْيَى بْنِ الضُّرَيْسِ , فَيَحْيَى هَذَا ثِقَة , فَيُنْظَر الْإِسْنَاد إِلَيْهِ. وَهَمَّامٌ - وَإِنْ كَانَ ثِقَة صَدُوقًا اِحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيح - فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ كَانَ لَا يُحَدِّث عَنْهُ وَلَا يَرْضَى حِفْظه. قَالَ أَحْمَدُ: مَا رَأَيْت يَحْيَى أَسْوَأ رَأْيًا مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ - يَعْنِي اِبْنَ أَرْطَاةَ - وَابْنُ إِسْحَاقَ وَهَمَّامٌ , لَا يَسْتَطِيع أَحَد أَنَّ يُرَاجِعهُ فِيهِمْ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ - وَسُئِلَ عَنْ هَمَّامٍ -: كِتَابه صَالِح , وَحِفْظه لَا يُسَاوِي شَيْئًا. وَقَالَ عَفَّانَ: كَانَ هَمَّامٌ لَا يَكَاد يَرْجِع إِلَى كِتَابه وَلَا يَنْظُر فِيهِ , وَكَانَ يُخَالِف فَلَا يَرْجِع إِلَى كِتَاب , وَكَانَ يَكْرَه ذَلِكَ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ بَعْد فَنَظَرَ فِي كُتُبه , فَقَالَ: يَا عَفَّانُ كُنَّا نُخْطِئ كَثِيرًا فَنَسْتَغْفِر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وَلَا رَيْب أَنَّهُ ثِقَة صَدُوق , وَلَكِنَّهُ قَدْ خُولِفَ فِي هَذَا الْحَدِيث , فَلَعَلَّهُ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ مِنْ حِفْظه فَغَلِطَ فِيهِ , كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الْمَشْهُور عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِق , ثُمَّ أَلْقَاهُ ". وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيث شَاذّ أَوْ مُنْكَر كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ , وَغَرِيب كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَغَايَة مَا ذَكَرَ فِي تَعْلِيله تَفَرُّد هَمَّامٍ بِهِ؟ وَجَوَاب هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنَّ هَمَّامًا لَمْ يَنْفَرِد بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. الثَّانِي: أَنَّ هَمَّامًا ثِقَة , وَتَفَرُّد الثِّقَة لَا يُوجِب نَكَارَة الْحَدِيث. فَقَدْ تَفَرَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ بِحَدِيثِ النَّهْي عَنْ بَيْع الْوَلَاء وَهِبَته , وَتَفَرَّدَ مَالِكٌ بِحَدِيثِ دُخُول النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة وَعَلَى رَأْسه الْمِغْفَر. فَهَذَا غَايَته أَنْ يَكُون غَرِيبًا كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ , وَأَمَّا أَنْ يَكُون مُنْكَرًا أَوْ شَاذًّا فَلَا. قِيلَ: التَّفَرُّد نَوْعَانِ: تَفَرُّد لَمْ يُخَالَف فِيهِ مَنْ تَفَرَّدَ بِهِ , كَتَفَرُّدِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ , وَأَشْبَاه ذَلِكَ. وَتَفَرُّد خُولِفَ فِيهِ الْمُتَفَرِّد , كَتَفَرُّدِ هَمَّامٍ بِهَذَا الْمَتْن عَلَى هَذَا الْإِسْنَاد , فَإِنَّ النَّاس خَالَفُوهُ فِيهِ , وَقَالُوا " إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِق - الْحَدِيث " فَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَلَوْ لَمْ يُرْوَ هَذَا عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ وَتَفَرَّدَ هَمَّامٌ بِحَدِيثِهِ , لَكَانَ نَظِير حَدِيث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَنَحْوه. فَيَنْبَغِي مُرَاعَاة هَذَا الْفَرْق وَعَدَم إِهْمَاله. وَأَمَّا مُتَابَعَة يَحْيَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ فَضَعِيفَة , وَحَدِيث اِبْنِ الضُّرَيْسِ يُنْظَر فِي حَاله وَمَنْ أَخْرَجَهُ. فَإِنْ قِيلَ:
¥