تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأذكر أن الشيخ الحذيفي - حفظه الله - ذكر ذلك (أن سبب هذا اللحن هو استعجام الألسنة) في مادة مسموعة سمعتها منذ زمن .. ومما قاله أنه كان يقرأ بيتا من الشعر آخره (كما أعتقد): وليس من الخطا طيب الكلام. فكان الشيخ يقرأها كما سمعها: وليس من الخطاطيب .. فكان - حفظه الله - يفكر في معنى الخطاطيب، ويظن أنها كلمة واحدة، فلم يفهم المعنى ذلك الوقت ... حتى قرأها قراءة صحيحة.

الصحيح أن نقول: حتى قرأها بالنغمة التي شب عليها في أهل بلده واعتادت عليها أذنه، فأنكرت غيرها ولم تدركه، وعدته لحنا.

فلمن أنكر هذه اللحون وجوداً، وأنكر أنها تذهب برونق القراءة .. وقد تحيل المعنى، أقول:

خذ معي مثلاً قوله تعالى (ومما رزقناهم ينفقون)!! وأرجو ألا تغضب، وتتريث ولا تظن السوء بأخيك!

ولم الغضب؟! .. والله ما ظننت بك إلا الخير، وما أردت إلا النصح، وإن شابه - في غمار النقاش - قلة أدب مني. فاعذر أخاك.

فهل قال تعالى: (ومما رزقناهم ينفقون) أم قال: (ومما رزقنا هم ينفقون). الجواب أنه قال الأولى ولم يقل تعالى الثانية. فكيف تقرأها أنت؟

فإن قلت: لا فرق بينهما في القراءة!! أقول لك: بل هناك فرق واضح .. وإذا أنكرت ذلك فلعلك تكابر! فإنك - حفك الله برعايته - لو دفعت الهاء لقلت مالم يقله تعالى .. فاحرص ألا تدفع الهاء بارك الله فيك ..

وإن قلت لا أدرك الفرق بينهما في القراءة، وإن كنت أدرك الفرق في المعنى. قلنا لك: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وإن قلت: إن هذا من باب الوسوسة!! أقول لك: بل هو والله من التدبر والتفكر .. وما ألذ وقعها في الأذن على الوجه الصحيح وأجملها لفظا وأداءً وأنت تنطق بها صحيحة بعيدا عن العجمة. .. قرآنا عربيا غير ذي عوج ..

والله أعلم.

بل أقول، الفرق بين اللفظين واضح، لا ينكره إلا جاحد أو من نشك في سمعه، ولا جدال في هذا ولا مراء، وكيف أنكره وقد استهواني أياما أقرأ به وأقرئ غيري، إلى أن أدركت ما أقول لك، ووجدت فيه ألزاما للناس بما لا يلزم، وأن العرب لا تعرف التفريق بين المعاني بمثل ذلك. بل وجدت لديهم عكسه، وانظر أبواب الجناس بعلم البديع لترى ذلك .. فَهِمْتُ لَمَّا فَهِمْتُ!:)

والحمد لله أدرك ما تروم قوله من اختلاف المعنى، أما أن تلزمي أو تلزم غيري بنغمتك التي اعتادت عليها أذنك في أهل بلدك، فصرت تظن أنها الصحيح وما عداها فعجمة وخطأ في لغة العرب يحيل المعنى، فهذا ما لا أقرك عليه، ولا أرضاه لك.

وإن قلت: إن هذا من باب الوسوسة!! أقول لك: بل هو والله من التدبر والتفكر .. وما ألذ وقعها في الأذن على الوجه الصحيح وأجملها لفظا وأداءً وأنت تنطق بها صحيحة بعيدا عن العجمة. .. قرآنا عربيا غير ذي عوج ..

والله أعلم.

هذا برأيك وعندك ويخصك، وقد لا يكون عند غيرك، فلا يحق لك أن تلزم أحدا به.

أما التدبر والتفكر فيكون بالرجوع إلى المعاني الناصعة عند أهل التفسير والفقه. وبعيدا عن هؤلاء سيكون الجهل والهوى واستنباط المعاني الفاسدة ومرورها على الذهن، والتأويل بالباطن والباطل، ولو لم يحدث خلافا في النطق أصلا!!

وكم من آية اتفق أهل الإسلام على لفظها، فأبى أهل السوء والجهلاء بالتفسير إلا أن يتأولوها ويخرجوا منها معاني باطنية تخدم أهواءهم، وذلك حتى دونما متكإ على اختلاف الصوت أو اختلاف موضع الوقف أو غير ذلك.

فلا نتخذ ذلك حجة. فكل جاهل ضال يستطيع أن يتأول القرآن بحسب هواه وما يريد بزعمه، ولو رام العلم لعاد إلى أهله فهُدي وهدى.

أما العامة، فالغالب أن تلك المعاني لا تمر بمخيتلتهم إلا أن يثيرها بعضهم، كمروجي هذي النغمات، فما ظنك - فوق ذلك - لو شغلناهم بالتفسير عنها؟!

قرآنا عربيا غير ذي عوج ..

والله أعلم.

صدق الله .. إنا أنزلناه قرآنا عربيا .. حكما عربيا .. بلسان عربي ..

ولم يختص القرآن عن سواه بغير ما ورد عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من التغني والترتيل وما يلزم ذلك من مد وغيره، حتى ذلك كان العرب يفعلونه في أشعارهم.

إذن: أين في لسان العرب أنهم فرقوا بين معاني الألفاظ بمجرد اختلاف أداء اللفظ بالنغم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير