أما كتابه الأغاني فهو غني عن التعريف وقد تحدث الكثير من العلماء عن كتاب الاغاني وعن صاحبه فقالوا:
ياقوت الحموي إلى شيء من ذلك في نقده للكتاب وقد قرأه مرات واستوعبه استيعابه لغيره وذلك في قوله:
((وقد تأملت هذا الكتاب وعنيت به وطالعته مرارا وكتبت منه نسخه بخطي في عشر مجلدات، ونقلت منه إلى كتابي الموسوم بأخبار الشعراء فأكثرت، وجمعت تراجمه فوجدته يعد بشيء ولا يفي به في غير موضع منه، كقوله في أخبار أبي العتاهية: " وقد طالت أخباره هاهنا وسنذكر أخباره مع عتبة في موضع آخر " ولم يفعل.
وقال في موضع آخر: " أخبار أبي نواس مع جنان إذا كانت سائر أخباره قد تقدمت " ولم يتقدم شيء إلى أشباه ذلك ..... )).
وهذه مجموعة من أقوال العلماء والباحثين في أبي الفرج الأصبهاني وكتابه الأغاني:
أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه أن أبا محمد الحسن بن الحسين ابن النوبختي ([1]) كان يقول:
(كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس، كان يشتري شيئاً كثيراً من الصحف، ثم تكون كل رواياته منها) ([2]).
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
( ... ومثله لا يوثق بروايته، يُصرِّح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهوِّن شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب الأغاني، رأى كل قبيح ومنكر) ([3]).
وقال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى:
(علي بن الحسين أبو الفرج الأصبهاني، الأموي، صاحب كتاب:الأغاني شيعي، وهذا نادر في أموي، كان إليه المنتهى في معرفة الأخبار وأيام الناس، والشعر، والغناء والمحاضرات. يأتي بأعاجيب بحدثنا وأخبرنا) ([4]).
وفي موضع آخر قال: (رأيت شيخنا تقي الدين ابن تيمية يضعِّفه ويتهمه في نقله ويستهول ما يأتي به ... ) ([5]).
وقد دُرست شخصية أبي الفرج الأصفهاني وكتابه: الأغاني في الكتابات المعاصرة ومنها ما يقوله الدكتور: محمد أحمد خلف، في خاتمة كتابه (أبو الفرج الأصفهاني الراوية) بعد دراسة متأنية له:
(ولقد وقفنا على ما لأبي الفرج من ميول وأهواء فيجب أن نحذر هذه الميول وهذه الأهواء، كلما حاولنا الاعتماد على ما خلَّف الرجل من مرويات فقد يكون الرجل مضللاً.
وقد يكون صاحب غرض وهوى.
وليس يخفى أن للأهواء حكمها في التاريخ، وهو حكم قد يملي رغبته لا في ذكر الأخبار فحسب، وإنما أيضاً في الكتمان) ([6]).
ويقول وليد الأعظمي في كتابه: السيف اليماني في نحر أبي الفرج الأصفهاني:
(اعتمد أبوالفرج الأصفهاني في كثير من أخباره السوداء المظلمة المسمومة، على طائفة خبيثة من الرواة الكذابين، والمجروحين، والمطعون عليهم، واعتبر أخبارهم موثقةً ولوَّث صفحات تاريخنا وأدبنا بالسخائم والبلايا.
ولقد حَمَل كتاب الأغاني الإساءة إلى آل البيت ـ عليهم السلام ـ فـ:
(إن كتاب الأغاني طافح بالأخبار التي تسئ إلى آل البيت النبوي الشريف، وتجرح سيرتهم، وتقدح في سلوكهم، وتهوِّن أمرهم، وتوهِّن شأنهم، وتجعل منهم عُشَّاقاً للهو والطرب والعبث. فالإمامان الحسن والحسين مغفَّلان منقادان لابن أبي عتيق ([7])، والإمام الحسين يقضي وقته لاهياً مع أشعب ([8]) في المدينة.
الهامش
([1]) هو الحسن بن الحسين بن علي بن العباس بن إسماعيل، أبو محمد النوبختي الكاتب، قال الأزهري عنه: "كان النوبختي رافضيًّا ردئ المذهب". وسئل البرقاني عن النوبختي فقال: "كان معتزليًّا، وكان يتشيع، إلا أنه تبين أنه صدوق! ". توفي سنة 402هـ.
ينظر: تاريخ بغداد (7/ 299).
([2]) تاريخ بغداد (11/ 398).
([3]) كتاب: المنتظم لابن الجوزي (7/ 40).
([4]) ميزان الاعتدال، للذهبي (5/ 151)، وانظر: لسان الميزان، لابن حجر (4/ 221).
([5]) عيون التاريخ، لابن شاكر، نقلاً عن كتاب أبو الفرج الأصبهاني، وكتاب الأغاني، لمحمد عبدالجواد الأصمعي (ص 95).
([6]) (ص 318)، وانظر: كتاب أبو الفرج الأصبهاني وكتابه الأغاني، لمحمد عبدالجواد الأصمعي (ص 161 – 197)، وكتاب دراسة الأغاني، تأليف: شفيق جبري.
([7]) لم يتضح لي من المقصود بابن أبي عتيق هذا.
([8]) هو أشعب بن جبير، الطامع، مدني، يعرف بابن أم حميدة، له نوادر، توفي سنة 154هـ.
ينظر: كتاب تاريخ بغداد (6/ 38)، وميزان الاعتدال (1/ 422)، ومعجم الأعلام (ص 109).
** تم الاستعانة بموقع الوراق وتعليق الدكتور مروان عطيه **
**************************
الوضاعون
¥