ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 10:47 م]ـ
تابع
" زهير بن أبي سلمى "
وأخذ على ابنه كعبٍ قوله في وصف ناقة:
ضَخْمٌ مُقلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها
قال الأصمعي: هذا خطاء، إنما توصف النجائب بدقة المذبح.
ومما يستجاد لكعبٍ ابنه قوله يذكر رجلا قتل من مزينة رهطه:
لَقَدْ وَلَّى أَلِيَّتَهُ جُوَىٌّ = مَعَاشِرَ غَيْرَ مَطْلولٍ أَخُوها
فإنْ تَهْلِكْ جُوَىُّ فكُلُّ نَفْسٍ = سَيَجْلِبُها لذلك جالِبُوها
وإنْ تَهْلِكْ جُوَىُّ فإنَّ حَوْلِي = كَظَنِّكَ كان بَعْدَك مُوقدُوها
وما ساءَتْ طُنُونُك يَوْمَ تُؤْتَى = بأَرْماحٍ وَفَى لك مُشْرِعُوها
كأَنَّك كُنْتَ تَعْلَمُ يَوْمَ بُزَّتْ = ثِيَابُك ما سَيَلْقَى سالِبوها
فما قُلْنا لهم نَفْسٌ بنَفْسٍ = أَقِيدُونا بها إن لم تَدُوها
ولكنَّا دَفَعْناها ظِماءً = فرَوَّاها بذِكْرِك مُنْهلُوها
ولو بَلَغَ القَتِيلَ فَعَالُ حَيٍّ =لَسَرَّكَ من سُيُوفك مُنْتَضُوها
ومن ذلك قوله:
لَوْ كُنْتُ أَعْجَبُ مِنْ شيءٍ لَأَعْجَبَني=سَعْىُ الفَتَى وهو مَخْبُوٌّ لَهُ القَدَرُ
يَسْعَى الفَتَى لِأُمُورٍ لَيْسَ يُدْرِكُهَا = والنَّفْسُ واحِدَةٌ والهَمُّ مُنْتَشِرُ
والمَرْءُ ما عاش مَمْدُودٌ له أَمَلٌ =لا تَنْتَهي العَيْنُ حَتَّى يَنْتَهي الأَثرُ
وكعبٌ القائل:
ومَنْ للُقَوَافِي شَأْنِهَا مَنّ يَحُوكُهَا=إذا ما تَوَى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْوَلُ
يَقُولُ فلا يَعْيَا بشيءٍ يَقُولُهُ = ومنْ قائِلِها مَنْ يُسِيءُ ويَعْمَلُ
يُقَوِّمُها حَتَّى تَلِينَ مُتُونُهَا = فيُقْصِرَ عنها كلُّ ما يَتَمَثَّلُ
كَفَيْتُكَ لا تَلْقَى من الناس شاعِراً = تَنَخَّلَ منْهَا مثْلَ ما أَتَنَخَّلُ
وسمعه الكميت فقال في قصيدة له:
وما ضَرَّهَا أَنَّ كَعْباً تَوَى = وفَوَّزَ مِنْ بعدهِ جَرْوَلُ
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[29 - 06 - 2008, 10:23 ص]ـ
كعب بن زهير
كان كعبٌ فحلاً مجيداً، وكان يحالفه أبداً إقتارٌ وسوء حال. وكان أخوه بجيرٌ أسلم قبله، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وكان أخوه كعب أرسل إليه ينهاه عن الإسلام، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتواعده، فبعث إليه بجير فحذره، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ بأبي بكر، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الصبح جاء به وهو متلثمٌ بعمامته، فقال: يا رسول الله، هذا رجل جاء يبايعك على الإسلام، فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده، فحسر كعب عن وجهه، وقال: هذا مقام العائذ بك يا رسول الله، أنا كعب بن زهير، فتجهمته الأنصار وغلظت له، لذكره كان قبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحبت المهاجرة أن يسلم ويؤمنه النبي صلى الله عليه وسلم، فآمنه واستنشده:
بانَتْ سُعَادُ فقَلْبي اليومَ مَتْبُولُ=مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لم يُجَزَ مَكْبُولُ
وما سُعادَ غَداةَ البَيْن إِذ عَرَضَتْ=إلاَّ أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرفِ مَكْحُولُ
وما تَدُومُ على العَهْدِ الذِي زَعَمَتْ = كما تَلَوَّنُ في أَثْوَابِها الغُولُ
ولا تَمَسَّكُ بالوُدِّ الذي زَعَمَتْ = إِلاَّ كما تُمْسِكُ الماءَ الغَرَابِيلُ
كانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً = وما مَوَاعِيدُه إِلاَّ الأَباطيلُ
نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعدَني = والعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَبْذُولُ
مَهْلاً هَدَاكَ الذي أَعْطَاكَ نافلَةَ الْ = قُرْآنَ فيها مَوَاعِيظٌ وتَفْصِيلُ
لا تأْخُذَنِّي بأَقْوَالِ الوُشاةِ ولم = أُذْنِبْ ولَوْ كَثُرَتٍ فِيَّ الأَقاويلُ
فلما
بلغ قوله:
إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ به = وصارمٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ مَسْلُولُ
في عُصْبَة مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ=بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
زَالُوا فما زالَ أَنْكَاسٌ ولا كُشُفُ=يَوْمَ الِلَّقَاءِ ولا سُودٌ مَعَازِيلُ
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من عنده من قريشٍ، كأنه يومي إليهم أن يسمعوا، حتى قال:
يَمْشُونَ مَشْىَ الجمال البُهْمِ يَعْصِمُهُ=مْضَرْبٌ إِذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ
يعرض بالأنصار، لغلظتهم كانت عليهم، فأنكرت قريشٌ عليه وقالوا: لم تمدحنا إذ هجوتهم، فقال:
مَنْ سَرَّهُ شَرَفُ الحَيَاةِ فلا يَزَلْ = في مِقْنَب من صالِحِي الأَنْصَار
اَلباذِلينَ نُفُوسَهم لِنَبِيِهِّمْ = يَوْمَ الهيَاجِ وسَطْوَةِ الجَبَّار
يَتَطَهَّرُونَ كأَنَّهُ نُسُكٌ لهم=بدِماءِ مَنْ عَلِقُوا مِنَ الكُفَّارِ
فكساه النبي صلى الله عليه وسلم بردةً اشتراها معاوية بعد ذلك بعشرين ألف درهم، وهي التي يلبسها الخلفاء في العيدين، زعم ذلك أبان بن عثمان بن عفان.