تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ

في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ

في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،

فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،

تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها

تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها

تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها

إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها

...

وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها

ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ

في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ

كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ

ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،

أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،

وَهْوَ يقول: "لا بل هكذا"،

فَتَقُولُ: "لا بل هكذا"،

حتى إذا طال الخلافُ تقاسما

فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ

إن أرادَ دخولَها

فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ

...

في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،

باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في أصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ

أتى حلباً فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،

فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً

فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ

في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ

واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ

وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: "لا تحفل بهم"

وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: "أرأيتْ! "

في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،

كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،

والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ

في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لمستَ بنايةً

لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ

يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ

في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ،

فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ

...

في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها

الكل مرُّوا من هُنا

فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا

أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ

فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ

والتتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،

فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى

كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا

يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا

يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ

العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها

والقدس صارت خلفنا

والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،

تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ

إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ

قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ

يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟

أَجُنِنْتْ؟

لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ

لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ

في القدسِ من في القدسِ لكنْ

لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت!!!.

ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 08:22 م]ـ

بارك الله فيك عزيزتي بثينة على نقلك الجميل .. ومشاركتك الرائعة

وجزاك الله خيرا

ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 08:28 م]ـ

وقد عاشت فلسطيننا الحبيبة في عيني الشاعر العراقي محمد الجواهري .. فنراه يقول

بـ " يافا " يومَ حُطَّ بها الرِكابُ= تَمَطَّرَ عارِضٌ ودجا سَحابُ

ولفَّ الغادةَ الحسناءَ ليلٌ =مُريبُ الخطوِ ليسَ به شِهاب

وأوسعَها الرَذاذُ السَحُّ لَثْماً= فَفيها مِنْ تحرُّشِهِ اضطِراب

و " يافا " والغُيومُ تَطوفُ فيها =كحالِمةٍ يُجلِّلُها اكتئاب

وعاريةُ المحاسن مُغرياتٍ= بكفِّ الغَيمِ خِيطَ لها ثياب

كأنَّ الجوَّ بين الشمسِ تُزْهَى= وبينَ الشمسِ غطَّاها نِقاب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير