تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أروع الخطب وهي منسوبة لعلي بن ابي طالب وقطري بن الفجاءة

خطب الخوارج خطبة قطري بن الفجاءة في ذم الدنيا

*ملاحظة: اللون الاحمر معاني الكلمات ...

"أما بعد، فإني أحذركم الدنيا، فإنها حلوة خضِرة (ناضرة)، حُفَّت بالشهوات، وراقت (أعجبت الناس بمتاع قليل) بالقليل، وتحببت بالعاجلة، وحُليت بالآمال، وتزينت بالغرور، لا تدوم حبرتها) الحبرة: النعمة والسرور)، ولا تُؤمن فجعتها، غرَّارة ضرَّارة، خوَّانة غدَّارة، وحائِلة (لا تدوم على حال) زائِلة، ونافذة (منتهية هالكة) بائدة، أكَّالة غوَّالة (مهلكة)، بذَّالة نقَّالة، لا تعدو- إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا عنها- أن تكون كما قال الله تعالى: ?كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا? (الكهف: من الآية 45. (مع أن امرئً لم يكن منها في حَبرة إلا أعقبته بعدها عَبرة، ولم يلق من سرَّائها بطن إلا منحته من ضرائها، ولم تطله (تصيبه) غيثةَ رخاءٍ إلا هطلت عليه مُزنة بلاء، وحَرِىٌّ إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له خاذلة متنكرة، وإنْ جانبٌ منها اعذوذَبَ واحلولَى (عذبا حلواً) أَمَرَّ عليه منها جانبٌ وأوبَى) أوبى: أصبح ذا وباء)، وإن آتت امرئً من غضارتها (النعمة والسعة) ورفاهتها نِعَمًا أرهقته من نوائبها تعباً، ولم يمس امرؤٌ منها في جناحِ أمنٍ إلا أصبح منها على قوادم خوف) القوادم: أربع ريشات في مقدم جناح الطائر)،غرارة غََرور ما فيها، فانية فانٍ ما عليها، لا خير في شيء من زادها إلا التقوى، مَنْ أَقَلَّ منها استكثر مما يؤمِّنه، ومن استكثر منها استكثر مما يوبقه (يهلكه) ويُطيلُ حُزنَه ويُبْكِي عينيه، كم واثقٍ بها قد أفجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته، وذي اختيال (الكبر والعجب) فيها قد خدعته، وكم من ذي أُبَّهَةٍ فيها قد صيَّرته حقيرًا، وذي نخوة قد ردته ذليلاً، وكم من ذي تاجٍ قد كبَّته (صرعته) لليدين والفم، سلطانها دُول (متداول)، وعيشها رنق (رنق: كدر)، وعذبها أجاج (الأجاج: الماءالمالح شديد الملوحة)، وحلوها صبر، وغذاؤها سِمَام (السمام: جمع كلمة السم)، وأسبابها رمام) الرمام: جمع كلمة رمة)، وقطاعها سلع (السلع: نبات، وقيل شجر مُرٌّ)، حيُّها بعَرَضِ سقم، ومنيعها بعَرَضِ اهتضام، مليكها مسلوب، وعزيزها مغلوب، وسليمها منكوب، وجامعها (الذي يجمع الدنيا إليه) محروب (مسلوب ماله)، مع أن وراء ذلك سكرات الموت، وهول المطلع (المأتى) والوقوف بين يدي الحكم العدل؛ ?لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيِجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى? (النجم: من الآية31 (

ألستم في مساكن من كان أطولَ منكم أعمارًا، وأوضحَ منكم آثارًا، وأعدَّ عديدًا، وأكثفَ جنودًا، وأعتدَ عتادًا، وأطول عمادا تعبَّدوا للدنيا أيَّ تعبُّد، وآثروها أي إيثار، وظعنوا عنها بالكره والصَّغَار، فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفسًا بفدية، أو أغنت عنهم فيما قد أهلكتهم بخطب، بل قد أرهقتهم بالفوادح، وضعضعتهم (ضعضعتهم: أضعفتهم) بالنوائب، وعقَّرتهم بالمصائب، وقد رأيتم تنكُّرَها لمن دان لها، وأخلد إليها، حين ظعنوا عنها لفراق الأبد إلى آخر المسند، هل زودتهم إلا السغب؟ وأحلتهم إلا الضنك؟ أو نورت لهم إلا الظلمة؟ أو أعقبتهم إلا الندامة؟! أفهذه تؤثِرون؟ أم على هذه تحرصون؟ أم إليها تطمئنون؟! يقول الله: ?مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ? (هود:15 - 16 (.فبئست الدار لمن لم يتهمها ولم يكن فيها على وجل منها، فاعلموا- وأنتم تعلمون أنكم تاركوها لا بد- فإنما هي كما وصفها الله باللعب واللهو، وقد قال الله تعالى: ?أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وإذا بطشتم بطشتم جبارين? (الشعراء:128 - 129)، واتعظو فيها بالذين قالوا: (من أشد منا قوة) (فصلت:15)،حملوا إلى قبورهم فلا يُدْعَونَ ركبانًا، وأنزلوا الأجداث فلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير