من أروع القصائد التي قرأت في رثاء الأم قصيدتين:
إحداهما قصيدة محمد أحمد محجوب في رثاء أمه فاطمة بنت عبد الحليم مساعد
والتي أسماها (بنت الأمير) ومطلعها:
أمي العزيزة لا تجيب ندائي=وعهدتها تبكي لمر بكائي
وفي تقديري، أن محجوباً، يرحمه الله، قصد أن يجاري ربما أحسن قصيدة قيلت في رثاء الأم، عنيت القصيدة الأخرى، وهي قصيدة الشريف الرضي ومطلعها:
أبكيك لو نقع الغليل بكائي=وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بدائي
وفي تصدير قصيدة محجوب، إنها (رثاء فاطمة بنت عبد الحليم). بينما صدرت قصيدة الشريف الرضي بأنها (يرثي والدته فاطمة بنت الناصر) فتأمل!.
قال محجوب:
ذهب الرجاء ولم أكن مترقباً=آي العزاء وقد فقدت عزائي
وقال الرضي:
وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّياً=لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي
قال محجوب:
لو كان كل نسائنا في حزمها=فخرت عشائرنا بخير نساء
وقال الرضي:
لو كان مثلك كل أم برة=غني البنون بها عن الآباء
قال محجوب:
بنت الأمير وأخت فرسان الوغى=وسليلة الأمجاد والعلماء
وقال الرضي:
آباؤك الغر الذين تفجرت=بهم ينابيع من النعماء
وقال محجوب:
من زينوا الدنيا وجاهد قرمهم=يوم الطعان وصال في الأعداء
الباذلين حياتهم لبلادهم=والباذلين المال للفقراء
كم واحد منهم يعلم غيره=كيف الفداء يكون يوم فداء
وقال الرضي:
من ناصر للحق أو داعِ إلى=سبل الهدى أو كاشف الغماء
من كل مستبق اليدين إلى الندى=مسدد الأقوال والآراء
درجوا على أثر القرون وخلفوا=طرقا معبدة من العلياء
قال محجوب:
وطفقت أبكي بالدموع ولم أكن=أبكي لفقد أو نزول بلاء
وقال الرضي:
يا قبر! أمنحه الهوى وأود لو=نزفت عليه دموع كل سماء
وكما أسلفنا، قال محجوب في المطلع:
أمي العزيزة لا تجيب ندائي=وعهدتها تبكي لمر بكائي
وقال:
رحماك يا أمي فلست بواجد=هذا الهناء وأنت كل هنائي
وقال الرضي:
فبأي كف أستجن واتقي=صرف النوائب أم بأي دعاء
ومن الممول لي، إذا ضاقت يدي=ومن المعلل لي من الأدواء
ومن الذي إذا ساورتني نكبة=كان الموقي لي من الأسواء
قال محجوب:
لكنني أسعى وأخلص جاهداً=لأشيد مجدك في أعز سماء
وقال الرضي:
شهد الخلائق أنها لنجيبة=بدليل من ولدت من نجباء
قال محجوب:
أماه قد حم القضاء وليتني=كنت الفداء لمن تود فدائي
في يوم نعيك قد فقدت شجاعتي=وفقدت صبري واضمحل رجائي
وقال الرضي:
ذخرت لنا الذكر الجميل إذا انقضى=ما يذخر الآباء للأبناء
قد كنت آمل أن يكون أمامها=يومي وتشفق أن تكون ورائي
قال محجوب:
والجود فيك سجية موروثة=قد عز عن منِ وعن إيذاء
قد طفت بالركن الحطيم وزمزم=وسجدت للرحمان عند حراء
وبكيت في قبر النبي محمد=شوقاً لرب القبة الخضراء
الله يعلم أن حبك صادق=لله والمختار غير رياء
وقال الرضي:
معروفك السامي أنيسك، كلما=ورد الظلام بوحشة الغبراء
وضياء ما قدمته من صالحلك= في الدجى بدل من الأضواء
إن الذي أرضاه فعلك لا يزل=ترضيك رحمته صباح مساء
صلى عليك، وما فقدت صلاته=قبل الردى، وجزاك أي جزاء
منقول
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 06:36 م]ـ
مشكورة صاحبة القلم على كل الإضافات، حقًا جئت بالمميز
وننتظر المزيد منكم حتى لا نستأثر بالموضوع
ـ[بثينة]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 04:27 م]ـ
موضوع رائع أستاذي الكريم
بارك الله فيك
و قال بهاء الدين زهير يرثي ولده:
نهاكَ عن الغِوايةِ ما نهاكا = و ذُقتَ من الصبابةِ ما كَفاكا
وطالَ سُراكَ في ليل التصابي = وقد أصبحتَ لم تحمد سُراكا
فلا تجزَع لحادثةِ الليالي = وقل لي إن جزِعتَ فما عساكا
وكيفَ تلومُ حادثةَ وفيها = تبينَ من أحَبكَ أو قلاكا
بروحي من تذوبُ عليهِ روحي = و ذُق يا قلبُ ما صنعت يداكا
لعمري كنتَ عن هذا غنيا = ولم تَعرف ضَلالك من هُداكا
ضَنيتُ من الهوى وشَقيتُ منهُ = وأنتَ تُجيبَ كلَ هوىً دَعاكا
فدع يا قلبُ ما قد كنتَ فيه = ألستَ ترى حَبيبكَ قد جَفاكا
لقد بَلغت به روحي التراقي = وقد نَظَرَت به عيني الهلاكا
فيا من غابَ عني وهو روحي = وكيفَ أطيقُ من روحي انفِكاكا
حبيبي كيفَ حتى غِبتَ عني = أتعلمُ أنَ لي أحداً سواكا
أراكَ هجرتني هجراً طويلاً = وما عودتني من قبلُ ذاكا
عَهِدتُك لا تُطيقُ الصبرَ عني = وتَعصي في ودادي من نهاكا
فكيفَ تَغيرت تلك السَجايا = ومن هذا الذي عني ثناكا
فلا والله ما حَاولتَ عُذراً = فكلُ الناسِ يُعذرُ ما خلاكا
وما فارقتني طوعاً ولكن = دَهاكَ من المنية ما دهاكا
لقد حَكمَت بِفُرقتنا الليالي = ولم يكُ عن رضاي ولا رضاكا
فليتكَ لو بقيتَ لِضعفِ حالي = وكانَ الناسُ كُلهمُ فِداكا
يَعِزُ عليّ حين أديرُ عيني = أفَتشُ في مكانكَ لا أراكا
ولم أرَ في سِواكَ ولا أراهُ = شمائلكَ المليحةَ أو حَلاك
خَتمتُ على وِدادِكَ في ضميري = وليسَ يَزال مَختوماً هُناكا
لقد عَجِلت عليكَ يدُ المنايا = وما استوفيتَ حظكَ من صِباكا
فوا أسفي لجِسمكَ كيفَ يبلى = ويذهبُ بعدَ بهجتهِ سَناكا
وما لي أدّعي أني وَفيٌ = ولستُ مشاركاً لكَ في بلاكا
تَموتُ وما أموتُ عليكَ حزناً = وحقِ هواكَ خُنتكَ في هواكا
ويا خجلي إذا قالوا محبٌ = ولم أنفعكَ في خَطب ٍ أتاكا
أرى الباكينَ فيكَ معي كثيراً = وليسَ كمن بكى من قد تباكى
فيا من قد نوى سفرا بعيدا = متى قل لي رُجوعُكَ من نَواكا
جزاكَ الله عني كلَ خيرٍ = وأعلمُ أنه عني جزاكا
فيا قبرَ الحبيبِ وَدِدتُ أني = حَمَلتُ ولو على عيني ثراكا
سقاكَ الغيثُ هَتانا و إلا = فحسبُكَ من دُموعي ما سَقاكا
ولا زالَ السلامُ عليكَ مني = يَرِفُ مع النسيمِ على ذراكا
¥