تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والعُبيِّة إلا في إحياءِ حقٍ أو إماتةِ باطلٍ فعلى المؤمنِ أن يوجدَ فيها أشدَّ من الشديد. وأقسى من الحجرِ وأصلبَ من الحديدْ.

ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 11:08 م]ـ

مقامة النهي عن الهوى

يا أبا القاسم إنَّ الذي خَلقكَ فَسَوَّاكْ رَكّبَ فيكَ عقْلكَ وهوَاكْ وهُما في سُبُلِ الخيرِ والشَرِّ دَليلاكْ، وفي مراحِلِ الرُشْدِ وَالْغِيِّ نَزِيلاكْ. أحَدُهُما بَصيرٌ عالِمٌ يَسْلُكُ بِكَ في الْبَرْدَيْنِ المَحَجّةَ البَيْضاءَ وَيَرِدُ بِكَ زُرْقَ المنَاهِلْ والآخَرُ أعمَى جاهِلٌ يخبِطُ بِكَ فيِ بَيضةِ الهَاجِرَةِ البيِدَ ذَاتَ المَعاطِشِ والمجَاهِلْ فأي دَلِيليَكَ امهَرُ بِالدَّلالَةِ وَأحذَقْ وَأيهُما أجْدَرُ بِأنْ يُتَبعَ وَأخْلَقْ أمَنْ تَفُوزُ منْهُ بِالهدَايةِ وَحُسْنِ الدَّلالَةْ أمْ مَنْ يُفَوِّزُ بكَ في تيهِ الغَيِّ وَالضَّلالَةْ تَعَلّمْ أنّهُ ليَسَ منَ العدلْ أنْ تَسْتَحِبَّ الهَوى على العَقْلْ إنَّ جانِبَ العقْلِ أبَيضُ كَطُرَّةِ الفَلقْ وَجِهَةَ الهَوَى سَودَاءُ كجُدَّةِ الغَسَقْ إنِ اتّجَهَ لكَ أمْرٌ فَعَرَضتَهُ على نفسِكَ فانظُرْ أيُهما إلَيْهِ المائِلْ. ولَهُ القابِلْ فإن كانَ العقلَ فأحرِبِهِ أنْ تَلْنَزِمَهُ الْتِزَامَ الصَّب وَتَعتلِقَهْ وأن تجعَلَ يَدَيْكَ لَهُ وِشَاحاً وتعتنِقَهْ. وَأنْ لا تخَلّى عَنهُ وإن اشْتَجرَتْ دُونَهُ الرِّماحْ واخْتُرِطَتْ بَيْنَكَ وبيَنهُ الصِّفَاحْ. واعترضَ الموتُ الذُّعافْ. وجاءَ كُلُّ ما تَكرَهُ وَتَعافُ. وَإنْ كانَ الهَوَى فَفِرَّ منهُ فِرَارَكَ منَ الأسَدْ. واحذَرْهُ حِذَارَكَ مِنَ الأسْوَدْ وإنْ رَأيْتَهُ بكُلِّ ما يَسُركَ مَصْحُوباً. وَكُلِّ ما تتمنّاهُ إليه مَجْنُوناً وَإنْ كانَ الأمْرُ بَينَ بَينَ فَتَبَيّنْ وتثّبتْ وَاسْتَعْمِلِ الأنَاةَ وَالتؤَدَةْ وَشاوِرْ مَنِ اسْتَنْصَحْتَ منْهُمُ الجُيُوبَ والأفْئِدَةْ. وَعَرَفْتَ أنّهُمْ مِمّنْ يُوصِي بِالْحَقَ وَيُومِيِ إلى الصِّدْقِ. فإنْ طَلَعَ مِنْ كِنانَتِهِمْ سَهْمٌ صائبْ وَأضاءَ لَهُمْ رَأيٌ ثاقِبْ فَذَاكَ وإلا فاتّقِ النّفْعَ الذّي يَلُوحُ لَكَ مِنْ جَيْبِهْ بضَررٍ تحسَبُهُ كميناً وَرَاءَ غيْبِهْ واعمَلْ على الإخلالِ بهِ وَتخْلِيتَهْ وَلا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِتَوَلِّيهِ ولا تَوْلِيَتِهْ وَكُنْ في تَقْوَاكَ كَسالِكِ طَريِقٍ شائِكٍ لا بُدَّ لَهُ مِنْ انْ يَتَوَقّى وَيَتَحَفّظْ وَيأخُذَ حِذْرَهُ وَيتيقّظْ.

هَوَاكَ أعْمَى فلا تَجْعَلْهُ مُتّبَعاً = لا يَعْتَسِفْ بِكَ عَن بَيْضاءَ مسلوكه.

اتْرُكْهُ وَامْشِ على آثارِ عقْلِكَ في = محجّةِ مِثْلُها ليْستْ بِمْترُوكهْ.

فالْعقْلُ هادٍ بصيِرٌ لا يَزيِغُ إلى = بَصيرَةٍ عَن سَدَادِ الرَّأْيِ مأفُوكَهْ.

وَمَنْ يَقُدْهُ هَوَاهُ في خزِامَتِهِ = فَذَاكَ بَيْنَ ذَوِي الألْبابِ أُضْحُوكَه.

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 11:16 م]ـ

أنرت الموضوع بالمشاركة فيه أخي رعد.

بارك الله فيك على هذه المشاركة العذبة.

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[16 - 06 - 2008, 02:45 م]ـ

مقامة الطيب

يا أبا القاسم تمنَّ على فضلِ اللّهِ أن يجعلَ سُقياك من زُلالِ المشرب. ورزقكَ من حلالِ المُكتسبِ. فالطّيبُ لا يرِدُ إلا الطّيب منَ المناهل. والكريمُ لَّا يريد إلاَّ الكريمَ منَ المآكل. والحرُّ عَزوفُُ عَروف لمواردِ السوءِ عَيوف. يربأ بنفسهِ عنِ استحبابِ الرِيَّ الفاضح. على احتمال الظمأ الفادح. ويستنكفُ أن يكونَ الحرامُ عندهُ أثيراً. إذا لم يجدِ الحلالَ كثيراً. فهوَ وإن بقيَ حَرَّانَ ينضنضُ لسانَهُ ويلهثْ وشارفَ أن يقضيَ عليهِ الإقواءُ والغرَث. يتعاظمهُ بَلُّ الغليلِ بماءٍ طرْقْ. ويطولُ عليهِ مد اليدِ إلى ما ليسَ بطلقَ ألا إنَّ اتقّاءَ المحارمْ. من أجلِ المكارم. فاتقّها إمّا لكرَمِ الغريزة. وحميّةِ النفسِ العزيزة. وإمّا للتوقُفِ عندَ حدودِ الشارع. وتخوُّف ِالزواجرِ والقوارعْ. وأيّةً سلكْتَ. فنفسكَ في السُّعداءِ سلكتْ وعلى أيهما وقعت فقد دفعت. إلى جنبٍ طيّب. وسراة وادٍ مخصب. ينبتُ لكَ من الثّناءِ الدَّوحَ الأعلى ويخرجُ لكَ من الثّوابِ الثمَرَ الأحلى. وإنْ ظاهرتَ بينَ الأمرينِ مظاهرةَ الدارعْ. وكما تكونُ بزَّةُ البطلِ المقارع فجعلتَ شعارَكَ الإباءَ والحميةِ. ودِثارَكَ التقيّة الإسلامية. وذلكَ هو المظنونُ بأشباهكَ من أُولي الشهامةِ والحزمْ. وأضرابكَ من ذوي الجدّ والعزْم فأهلاً بمن اختارَ الخيرَ من قواصيهِ وأطرافهِ. وقبضَ بكفيّهِ من نواصيهِ وأعرافهِ.

محارِمُ تبتغى منها التقيّهْ = فظاهرْ بينَ دينكَ والحميّه

هما درعانِ مَن يلبَسهما لمْ = يكنْ للنّابلِ المصمي رميّه

وليسَ يَقي ركوبَ الشرِّ إلا = حذارُ النارِ أو خوفُ الدَّنيّه

ولما قلَّ في الناسِ التّوقيّ = تهافتَ في محارمِها البريّه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير