تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 01:16 ص]ـ

مقامة القناعة

يا أبا القاسم اقنعْ من القناعةِ لا من القنوع. تستغنِ عن كلِّ مِعطاءٍ ومنوعْ. لا تخلق أديمَ وجهِكَ إلا عندَ مَن خلقهُ وخلقَك. ولا تسترزق إلا مَن رزقهُ وإن شاءَ رزَقَك. القناعةُ مملكةٌ تحتَها كل مملكة. مملكةٌ لا سبيلَ عليها لمهلكَه. لا يتوقّعُ صاحبُها أن يفتقرَ بعدَ غُنيته. ولا يقعُ النفادُ في كنزهِ وقنيتهِ. ثمَّ إنّه معَ أنَّ يسارَهُ لا يفضلهُ يسار. ولا يضبطُ حُسبان ما يملكُ يمينٌ ولا يسار. أخفّ الناس ِشغلاً ومؤَونة. وأغناهم من إرفادٍ ومعونة. لا يهمهُ مكيلٌ ولا موزونْ. ولا يعنيهِ مدَّخرٌ ولا مخزون. مفاتحُهُ لا تنوءُ بالعصبةِ أولي القوَّة على أنَّه أوفرُ من قارونَ سعةً وثروة من قنعَ بالنّزرِ اليسيرِ أيسر. ومَن حَرصَ على الجمِّ الغفيرِ أعسر. إنَّ القانعْ أصابَ كلَّ ما أرادَ وزاد. ولن تجدَ حريصاً يبلغُ المراد. الحريصُ وإن استمرءَ المطعمْ. لا يترُكُ أن يطلبَ الأنعمَ فالأنعم وإن استسرى اللَّباس واستفرَهَ الأفراسْ. وجدتهُ أحرَصَ وأشرَهْ. على أسرى وأفره. يوغرُ أبداً أن يُنعموا لهُ المهاد. ويقولُ خشنٌ يورثُ السهاد. حتى إذا بلغَ كلَّ مبلغٍ في التوطئةِ والإنعامْ وكُسيَ بشكيرِ السمور وزِفِ النّعام. دعتهُ نفسهُ إلى تمنّي بيوت أهنأ مهجَعاً. وأوطأ مضجَعاً. وإنِ اجتلى أنَورَ من القمرِ عضَّ على الخمس. وقال هلا كانَ أضوءَ من الشّمس. شقيٌ تصَبُّ إلى كلِّ مُشتهىً لهَاتُه. وتضِبُّ لكلِّ مُتمنّىً لثاتُه. فليسَ لهُ إذَن حدٌّ ينتهي إلى مطلبهِ. ولا أمدٌ يتوقّفُ وراءَ مرغبِه. فأمّا القانعُ فقد قدَّرَ مبلغَ حاجتهِ وبيّنَه. ومثّلَ مقدارَ إربهِ وعيّنه. وذاكَ رثٌّ يُواري سْوأتَه. وغَثٌّ يُطفئُ سورتَه. فإذا ظفِرَ بذلكَ فقد حازَ النّعيم بحذافيرهِ. وأصبح أثَرى من النُّعمانِ بعصافيرهِ.

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 01:21 ص]ـ

مقامة التوقي

يا أبا القاسم لا تقولَنَّ لشيءٍ من سّيئاتكَ حقير. فلعلّهُ عندَ اللّهِ نخلةٌ وعندَكَ نقير. وانظر في جلالةِ قدرِ النّاهي وكبرِه. ولا تنظرْ إلى دقّةِ شأنِ المنهيّ عنهُ وصغرِه فإنَّ الأشياءَ تتفاضلُ بتفاضُلِ عناصرِها. وإنَّ الأوامرَ والنّواهي تجلُّ وتدِق بحسبِ مصادرِها. لا تُسمّ الهَنةَ من الخطيّةِ هنَهْ. فإنَّ ذمتّكَ باجتنائها مُرتهنة. وتذكرّ حسابَ اللّهِ وموازينهُ المعدَّلة. والنّقاشَ في مثقالِ الذرَّةِ ووزنِ الخردَله. واستعظِمْ أن تنفلِتَ عن مُلتقى أجفانكَ لحظة. أو تفرُط من عذبةِ لسانك لفظَه. أو تخالجَ من ضميرِكَ خطرة. أو تتصلَ بقدمكَ خطوة. ولحظتُكَ بمُقلةِ مُريب. ولفظتُكَ لا عن لهجةِ أريب. وخطرَتُك فكرٌ في خلافِ سدَدْ وخطوتُكَ مشيٌ على غيرِ جدَدَ. فقد علمتَ أنّكَ مأمورٌ بالغضّ من البصر. وحذفِ فضولِ النظر. وبأنْ تجعلَ الصمتَ من ديدنِكَ ودينك. إذا لم يعنِكَ المنطِقُ في دُنياكَ ودينك. وأن لا تُديرَ في خلدٍ ولا تُخطرَ ببال إلا كُلَّ أمرٍ ذي خطرٍ وبال. وأن لا تَنقُلَ قدمكَ إلا إلى مشهدِ خيرٍ يحمدُ عناؤك فيه. أو إلى موطنِ شرٍّ تُخمدُ ضرامهُ وتُطفيه فراقبِ اللّهَ عندَ فتحِ جفنكَ وإطباقه. وإمساكِ نظرِكَ وإطلاقه. وأمام تكلمكَ وصمتك. وما تَرفعُ وتخفضُ من صوتكَ. وبينَ يديْ نسيانكَ وذكرِك. وما تجيلُ من رويّتكَ وفكرِك. ودونَ تقديمِ قدمكَ وتأخيرِها. وتطويلِ خُطاكَ وتقصيرِها. وحاوِلْ أن يقعَ جميعُ ذلكَ متّصفاً بالسّدادِ ومتّجهاً بالصَّواب. بعيداً من المؤاخذةِ قريباً من الثواب.

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 03:17 م]ـ

مقامة الظلف

يا أبا القاسم ليتَ شعري أينَ يذهبُ بك. عنْ ثمراتِ علمك وأدبك. ضلّةٌ لمنْ رضيَ من ثمرةِ علمه. بأنْ يُشادَ بذكرِهِ وينوَّهَ باسمه. ولمن قنعَ من ريعِ أدبه بأن يصلَ من الدنيا إلى أربه وأفٍ لمنْ حسبَهُما للتّكسبِ والمُباهاةِ متعلّمَينْ. ونصَبَهُما إلى أبوابِ الملوكِ سُلّمَينْ. فإن اتّفقتْ لهُ إلى أحدِ هؤلاءِ زُلفة. والتأمَتْ بينهُ وبينَ خدمهِ ألفه. وقيلَ أهَبَّ المَلكُ لفُلان قبولَ قبولهِ رُخاءْ وأرّخى لهُ عَزَالى سحابهِ إرْخاء. وقُصارى ذاكَ أنّهُ يُصيبهُ بنفحةٍ منَ السحتْ. ورضخةٍ منَ الحرامِ البحْتْ. هَزَّ مِنْ عطفهِ ونشِط. وكُشفَ غطاءُ الهمِّ وكُشط.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير