فل أتبكي على سعدى وأنت تركتها = فقد ذهبت سعدى فما أنت صانعما بلغه وأنشده الشعر سقط في يده، وأخذته كظمة ثم سرى عنه، فقال: اختر واحدة ًمن ثلاث: إما أن نقتلك، وإما أن نطرحك من هذا القصر، وإما أن نلقيك إلى هذه السباع. فتحير أشعب وأطرق حيناً، ثم رفع رأسه فقال: يا سيدي، ما كنت لتعذب عينين نظرتا إلى سعدى. فتبسم وخلى سبيله.
وممن طلق امرأته فتبعتها نفسه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أمره أبوه بطلاقها ثم دخل عليه فسمعه يتمثل:
فلم أر مثلي طلق اليوم مثلها=ولا مثلها في غير شيء تطلق
وممن طلق امرأته فتبعتها نفسه: الفرزدق الشاعر. طلق النوار ثم ندم في طلاقها
وقال:
ندمت ندامة الكسعي لما = غدت مني مطلقةً نوار
وكانت جنتي فخرجت منها = كآدم حين أخرجه الضرار
فأصبحت الغداة ألوم نفسي = بأمرٍ ليس لي فيه خيار
وكانت النوار بنت عبد الله قد خطبها رجل رضيته، وكان وليها غائباً، وكان الفرزدق وليها إلا أنه كان أبعد من الغائب، فجعلت أمرها إلى الفرزدق، وأشهدت له بالتفويض إليه. فلما توثق منها بالشهود أشهدهم أنه قد زوجها من نفسه، فأبت منه ونافرته إلى عبد الله بن الزبير، وهي بنت منظور بن زبان. فكان كلما أصلح حمزة من شأن الفرزدق نهاراً أفسدته المرأة ليلاً، حتى غلبت المرأة وقضى ابن الزبير على الفرزدق.
فقال:
أما البنون فلم تقبل شفاعتهم = وشفعت بنت منظور بن زبانا
ليس الشفيع الذي يأتيك مؤتزرا =مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا
وقال الفرزدق في مجلس ابن الزبير:
وما خاصم الأقوام من ذي خصومة=كورهاء مشنوءٍ إليها خليلها
فدونكها يا بن الزبير فإنها = ملعنة يوهي الحجارة قيلها
فقال ابن الزبير: إن هذا شاعر وسيهجوني، فإن شئت ضربت عنقه، وإن كرهت ذلك فاختاري نكاحه وقري. فقرت واختارت نكاحه، ومكثت عنده زماناً ثم طلقها وندم في طلاقها.
وعن الأصمعي عن المعتمر بن سليمان عن أبي مخزوم عن راوية الفرزدق قال: قال لي الفرزدق يوماً: امض بنا إلى حلقة الحسن، فإني أريد أن أطلق النوار. فقلت له: إني أخاف أن تتبعها نفسك، ويشهد عليك الحسن وأصحابه. قال: انهض بنا. فجئنا حتى وقفنا على الحسن،، فقال: كيف أصبحت أبا سعيد؟ قال: بخير، كيف أصبحت يا أبا فراس؟ فقال: تعلمن أني طلقت النوار ثلاثاً. قال الحسن وأصحابه: قد سمعنا. فانطلقنا، فقال لي الفرزدق: يا هذا، إن في نفسي من النوار شيئاً. فقلت قد حذرتك،
فقال:
ندمت ندامة الكسعى لما = غدت مني مطلقةً نوار
و كانت جنتي فخرجت منها =كآدم حين أخرجه الضرار
ولو أني ملكت بها يميني = لكان علي للقدر الخيار
وممن طلق امرأته وتبعتها نفسه قيس بن ذريح. وكان أبوه أمره بطلاقها فطلقها وندم، فقال في ذلك:
فوا كبدي على تسريح لبنى = فكان فراق لبنى كالخداع
تكنفني الوشاة فأزعجوني =فيا للناس للواشي المطاع
فأصبحت الغداة ألوم نفسي =على أمر وليس بمستطاع
كمغبون يعض على يديه =تبين غبنه بعد البياع
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[07 - 07 - 2008, 12:24 م]ـ
مكر النساء وغدرهن
في حكمة داود عليه السلام. وجدت من الرجال واحداً في ألف، ولم أجد واحدة في النساء جميعا. قال الهيثم بن عدي: غزا ابن هبولة الغساني الحارث بن عمرو آكل المرار الكندي فلم يصبه في منزله، فأخذ ما وجد له وآستاق امرأته. فلما أصابها أعجبت به، فقالت له: انج، فوالله لكأني أنظر إليه يتبعك، فاغراً فاه كأنه بعير أكل مرار.
وبلغ الحارث، فأقبل يتبعه حتى لحقه، فقتله وأخذ ما كان معه وأخذ امرأته، فقال له: هل أصابك؟ قالت: نعم والله ما اشتملت النساء على مثله قط. فأمر بها فأوثقت بين فرسين، ثم استحضرهما حتى تقطعت.
ثم قال:
كل أنثى وأن بدا لك منها=آية الود حبها خيتعور
إن من غره النساء بود = بعد هند لجاهلٌ مغرور
وقالت الحكماء: لا تثق بامرأة، ولا تغتر بمال وإن كثر.
وقالوا: النساء حبائل الشيطان.
وقال الشاعر:
تمتع بها ما ساعفتك ولا تكن = جزوعاً إذا بانت فسوف تبين
وخنها وإن كانت تفي لك إنها = على مدد الأيام سوف تخون
وإن هي أعطتك الليان فإنها = لآخر من طلابها ستلين
وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها = فليس لمخضوب البنان يمين
وإن أسلبت يوم الفراق دموعها = فليس لعمر الله ذاك يقين
وقالت الحكماء: لم تنه امرأة قط عن شيء إلا فعلته.
وقال طفيل الغنوي:
إن النساء متى ينهين عن خلق = فإنه واقعٌ لا بد مفعول
وعن الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال: أرسل عبد الله بن همام السلولي شاباً إلى امرأة ليخطبها عليه، فقالت له: فيما يمنعك أنت؟ فقال لها: ولي طمع فيك؟ قالت: ما عنك رغبة. فتزوجها ثم انصرف إلى ابن همام، فقال له: ما صنعت؟ فقال: والله ما تزوجتني إلا بعد شرط. فقال أو لهذا بعثتك؟ فقال ابن همام في ذلك:
رأت غلاماً علا شرب الطلاء به = يعيا بإرقاص بردي الخلاخيل
مبطناً بدخيس اللحم تحسبه = مما يصور في تلك التماثيل
أكفى من الكفء في عقد النكاح وما = يعيا به حل هميان السراويل
تركتها والأيامى غير واحدة = فاحبسه عن بيها يا حابس الفيل
وعن الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال: كان النساء يجلسن لخطابهن، فكانت امرأة من بني سلول تخطب، وكان عبد بن عاصم السلولي يخطبها، فإذا دخل عليها بقول له: فداك أبي وأمي، وتقبل عليه تحدثه، وكان شاب من بني سلول يخطبها. فإذا دخل عليها الشاب وعندها عبد الله بن هند قالت للشاب: قم إلى النار، وأقبلت بوجهها وحديثها على عبد الله، ثم إن الشاب تزوجها، فلما بلغ ذلك عبد الله بن هند قال:
أودى بحب سليمى فاتكٌ لقن = كحية برزت من بين أحجار
إذا رأتني تفديني وتجعله = في النار يا ليتني المجعول في النار
وله فيها:
ما تظن سليمى إن ألم بها = مرجل الرأس ذو بردين مزاح
حلوٌ فكاهته خزٌ عمامته = في كفه من رقى الشيطان مفتاح
¥