تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم أَذُقْ = إلاَّ أخيراً لذَّةَ الإيمانِ

والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ = عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ

ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها = يرنو إليَّ بمقلتيْ شيطانِ

مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ = وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ

أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ = ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني

هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي = لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ

لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً = ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ

فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً = لو كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني

أوْ عادَ-مَنْ يدري- إلى أولادِهِ = يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني

وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ بها = معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ

قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً = في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ

فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً = ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ

نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ وَإِنْ هُمُو = كَتموا وكانَ المَوْتُ في إِعْلاني

وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي = بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟

أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى = مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في إِذْعانِ؟

ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما = غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟

هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئاً = ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ نِيرانِ

وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِهِ = سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ الْخَفَقانِ

وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ = مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْباني

وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَضِيرُهُ = شاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ القِطْعانِ

هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ عَنْ = بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ ثَوانِ

أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ ِللطُّغْيانِ = وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ

أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ = سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ

وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ = قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني

دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ = وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ

حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبا = لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ

ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ هُبُوبُهَا = بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ

إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى = أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ

وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ = سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ

فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً = أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ

أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي = أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟

أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنا = مُتآمِراً أَمْ هَادِمَ الأَوْثانِ؟

كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي = كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني

لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً = غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني

أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا = إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ

فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي = يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني

أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى = وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ

وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ = يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ

وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً = تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ

وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا = سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ

وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً = في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ

لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ما = صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ

نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً = وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ

أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى = بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ

أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً = في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ

إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ = قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ

فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا = قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ

وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى = تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ

وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها = أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ

فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني = لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ

مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها = وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ

أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً = لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ

فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ = بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني

كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً = يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني

وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ = سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ

هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي = بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ

لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ = بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ

فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي = مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ

وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ = قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزانِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير