نعي يزيد أن لم يبق بأسٌ = غداة مضى وأن لم يبق جود
نَعِيّ أبي الزُّبير لكًلّ يَوْمٍ = عبوس الوجه زينته الحديد
أأودى عصمة البادي يزيد=وَسَيْفُ الله والغيثُ الحميد
فمِن يَحْمي حِمَى الإسْلام أمْ مَن = يَذُبّ عن المَكارم أو يذُود
ومَن يَدْعُو الإمامُ لكلّ خَطْبِ =يخاف وكُلِّ معضلة تَؤُود
ومَن تُجْلَى به الغَمَراتُ أم مَنَ = يَقُوم لها إذا اعوج العنيد
ومن يحمي الخميس إِذا تعَايا = بحيلة نَفْسه البَطَل النَّجِيد
وأين يَؤُمِّ منْتَجع وَلاجٍ =وأين تَحُطّ أرْحُلَها الوُفُود
لقد رُزِئتْ نِزَارٌ يوْمَ أودْىَ = عمدٌَ ما يقاسُ به عَمِيد
فلو قُبِلَ الفِدَاءُ فَدَاهُ منّا = بِمُهْجَته المُسَوَّدُ والمَسُود
أبَعْدَ يَزيد تَختَزن البَوَاكِي=دُمُوعاً أو تُصَان لها خُدُود
أما واللّه لا تَنْفَكُّ عَيْنِي = عليه بدَمْعِها أبداً تجود
وإنْ تَجْمُد دُمُوعُ لَئيم قَوْم = فليس لِدَمْع ذي حَسَب جُمود
وإن يك غالَه حَينٌ فأَوْدَىً = لقد أودىَ وليس لهًُ نَدِيد
وإنْ يَعْثر بهِ دهرٌ فكم قَد=تَفَادىَ من مخافته الأسُود
وإن يَهْلِك يزِيدُ فكُلُّ حَيٍّ = فَرِيسٌ للمنية أو طَرِيد
فإنْ يَكُ عن خُلُود قد دَعَته = مآثِرُه فكَانَ لها الخُلُود
فما أوْدَى آمروء أوْدَى وأبْقَى=لِوَارِثِهِ مَكارِمَ لا تَبِيد
ألم تَعْلَم أخِي أن المَنايا = غَدَرْنَ به وهُنَّ له جُنود
قَصَدْنَ له وكُنَّ يَحدْنَ عنه=إذا ما الحَرْبُ شبّ لها الوَقُود
فهلا يوْمَ يَقْدُمهَا يَزِيدُ =إلى الأبطال والخُلان حِيد
ولو لاقى الحُتُوف عَلى سِوَاه = للاقاها به حتْفٌ عَنِيد
أضَرَاب الفوارس كل يوْم = ترَى فيه الحُتُوفُ لها وَعِيد
فمن يُرْضى القَواطع والعَواليً = إذا ما هَزّها قَرْعٌ شَديد
لِتَبْكِكَ قبَّةُ الإسلام لمَّاَ = وَهتْ أطنابُها وَوَهى العَمُود
وًيبْكِك مُرْهَقٌ تتْلُوهُ خَيْلٌ = إبَالَةُ وهو مَجْدُول وَحِيد
وَيَبْكِكَ خاملٌ ناداك لمَّا = تَوَا كَلَهُ الأقارِبُ والبعيد
وَيَبْكِكَ شاعرٌ لم يُبْقِ دَهرٌ = له نَشبَا وقد كَسَدَ القَصِيد
تَرَكْتَ المَشرفيَّة والعَوَالي = مُحَلاةً وقد حانَ الوُرُود
وغادَرْتَ الجِيَاد، بكُلِّ لُغْزٍ=عَوَاطِلَ بَعْدَ زِينتها تَرُود
فإِنْ تُصْبِح مُسَلَّبَةَ فمما = تُفِيدُ بها الجَزِيلَ وتَسْتَفِيد
أَلمْ تكُ تَكْشف الغَمَرَاتِ عنها = عوابِسَ والوُجوه البيض سُود
أصِيبَ المَجْد والإسلامُ لمّا =أَصَابك بالرَّدَى سَهْم سَدِيد
لَقَد عَزَّى ربيعةَ أَنَّ يوماً = عليها مثلُ يَوْمك لا يعود
ومِثْلُك من قَصَدْن له المنايا = بأسْهُمها وهُنَّ له جُنود
فيا للدهر ما صَنَعَتْ يَدَاهُ = كأنَّ الدهر منها مستقيد
سَقَى جَدَثاً أقامَ به يزيدُ=من الوَسْمِيِّ بَسَّام رَعُود
فإن أَجْزَعْ لمَهْلِكة فإنّي =على النَّكَبات إذ أوْدىَ جَلِيد
لِيَذْهَبْ مَن أَراد فَلَسْت آسىَ=على مَن مات بعدك يا يزيد