أرَى بهجَةَ الدُّنيا رَجِيعَ دوائرٍ = لهنَ اجتماعٌ مَرةً وشَتَات
طَوَى أيْدِيَ المَعْرُوف مَصْرَع مالكٍ =فهُنّ عن الآمال منقبضات
وقال أيضاً:
أمَّا القُبورُ فإنَّهُنَّ أوانسٌ = بِجِوار قَبْرِك والدِّيار قُبُورُ
عًمَتْ فَوَاضِلُه وعَمَّ مُصابه = فالناسُ فيه كُلّهم مَأجور
رَدَّت صنائعه إليه حياتَه = فَكانه من نَشْرِها منْشور
وقال أشجع بن عمرو السُّلَمي يرثي منصور بن زِياد:
يا حُفْرةَ الملك المُؤَمَّل رِفدُهُ = ما في ثَرَاكِ مِن النَدَى والخِير
لا زِلْتِ في ظِلَّين ظِلِّ سَحابةٍ = وَطْفَاَءَ دانيةٍ وظِل حبُور
وسَقَى الوليُّ على العِهاد عِراصَ ما = وَالاكِ من قَبْرٍ ومن مَقْبور
يا يومَ مَنصورٍ أبَحْتَ حِمَى النَدى = وَفَجَعْته بِوليّه المَذكور
يا يومَه أعْرَيْتَ راحلةَ النَّدَى = من رَبِّها وحَرَمْتَ كل فَقير
يا يومه ماذا صنَعت بِمُرْمل = يرْجُو الغِنى ومُكبّل مأسور
يا يومَه لو كنت جِئتَ بِصيْحَةٍ = فَجَمَعت بين الحيِّ والمقبور
للهّ أوْصال تقسمها البِلى = في اللحد بين صَفائحٍ وصخور
عَجَبا لخمسة أذْرِع في خمسةٍ = غَطَّتْ على جَبَل أشمَّ كبير
مَن كان يملأ عَرْضً كلَ تَنُوفةٍ = وَارَاهُ جُولُ ملحد مَحْفُور
ذَلَتْ بمصرعه المكارِمُ والندى = وذُبابُ كلِّ مُهَنَّد مأثُور
أَفَلتْ نجوم بَني زِيادٍ بَعدما = طَلَعَت بنوِر أهلَّة وبُدُور
لولا بقاءُ محمد لتصدَعت = أكبادُنا أَسفاً على منصور
أبقى مَكارِمَ لا تَبِيدُ صفَاتُها = ومَضىَ لِوَقت حِمَامه المَقْدُور
أصْبحتَ مَهْجوراً بحُفرتك التي=بُدِّلْتها من قَصرْك المَعْمُور
بَلَيت عِظَامُك والصفاحُ جَديدة = ليس البلى لفَعَالك المَشْهور
إِنْ كُنْت ساكِنَ حفْرةٍ فلقد تُرى = سَكناً لعُودي مِنْبرٍ وسرَير
وقال يرثي محمد بن مَنْصور:
أنْعَى فَتِىَ الجُودِ إلى الجود = ما مِثلُ مَن أنْعَى بِمَوْجُودِ
أنْعَي فَتَى مَصَّ الثَّرى بعده = بَقِية الماءِ مِنَ العُود
فانْثَلم المَجْدُ به ثَلمَةً =جانِبُها ليس بِمَسْدُود
أنْعَي ابن مَنْصور إلى سَيِّدٍ = وأيِّدٍ ليسَ برِعْدِيد
وأشْعَثٍ يَسْعَى على صِبْيةٍ = مِثْل فِراخ الطير مجهود
وطارقٍ أعيا عَليه القِرَى=ومُسْلمٍ في القِدِّ مَصْفود
اليومَ تُخْشىَ عَثَراتُ النَّدى = وعَدْوَة البُخْلِ على الجُود
أوْرَده يومٌ عَظِيمٌ ثَأى = في المجد حوضاَ غير محمود
كُلُّ آمرىءٍ يَجرى إلى مٌدَّة = وأجَل قد خُطّ مَعْدُود
سَيَنْطَق الشِّعُرُ بأيامه =على لِسانٍ غَيْرِ مَعْقُود
فكل مَفْقودٍ إلى جَنْبِه = وإنْ تعالى غَير مَفْقُود
يا وافِدَيْ قومهما إنّ = مَن طَلَبتما تحت الْجَلاميد
طَلَبتما الجودَ وقد ضَمَه = محمدٌ في بطن مَلْحُود
فاتَكما الموت بمعْرُوفِه = وليس ما فات بِمَرْدُود
يا عَضداً لِلْمَجْدَ مَفْتوتةً = وساعِداً ليس بمَعْضود
أوْهَن زَنْدَيْها وَأكْباهما=قَرْعُ المنايا في اَلصنَّاديد
وهدَّت الرُكْنَ الذي كان بالأمْس = عِمَاداً غَيْرَ مَهْدُود
وقال حبيبٌ الطائيًّ يَرثي خالدَ بن يَزيد بن مَزيد:
أشَيْبان لا ذاك الهِلالُ بطالعٍ = عَلَينا ولا ذاك الغَمَام بعائدِ
أشَيْبان عَمَّت نارُها من رَزيَّةٍ = فما تَشْتَكي وَجْداً إلى غَيْر واجِدِ
فما جانبُ الدُنيا بِسَهْل ولا الضُّحَىِ = بطَلْق ولا ماءُ الحَياة ببَارد
فيا وَحْشَةَ الدُنيا وكَانت أنيسةَ = ووُحدَة مَن فيها بِمَصْرع واحد
وأنشد أبو محمد التّيْمي في يَزيد بن مَزْيد:
أحقاً أنّه أودى يَزِيدُ=تَبَينَّ أيها النَّاعي المُشِيدُ
أتدْرِي من نَعَيت وكيف فاهتْ =به شَفَتَاكَ واراك الصَّعِيد
أحامي المُلْكِ والإسْلام أوْدى = فَما للأرْض وَيْحَكَ لا تَمِيد
تَأمَّلْ هل تَرَى الإسْلامَ مالتْ = دَعائمُهُ وهل شَابَ الوَليد
وهَلْ شِيمَتْ سُيوف بني نِزَارٍ = وهَل وُضِعت عن الخَيْل اللُّبُود
وهَلْ نَسْقِي البِلادَ عِشَارُ مُزْنٍ = بدرَّتها وهَلْ يَخْضَرُ عُود
أما هُدَّت لمَصرَعه نِزَار = بَلَى وتقوّض المجد المَشِيد
وحلَّ ضَرِيحَه إذ حَلَّ فيه =طَرِيفُ المَجْدِ والحَسَبُ التَّلِيد
وهُدَّ العِزُّ والإسْلامُ لما =ثَوَى وخَلِيفة اللهّ الرَّشيد
لقد أوْفي رَبِيعَةَ كُلُّ نحْسٍ=لمهْلِكه وغُيِّبت السُّعُود
وأنْصِلَت الأسِنّة مِن قَنَاهاً = وأشْرعت الرِّمَاح لِمَن يَكِيد
¥