الحاضرة الذي ينقصنا، هذا المعنى الذي لم نكسبه بعد، هو مفهوم الزمن الداخل في تكوين الفكرة والنشاط، في تكوين المعاني والأشياء.
فالتاريخ والحياة الخاضعان للتوقيت كان وما يزال يفوتنا قطارهما، فنحن في حاجة ملحة إلى توقيت دقيق، وخطوات واسعة لكي نعوض تأخرنا. ويكون ذلك بتحديد المنطقة التي ترويها ساعات معينة، من الساعات الأربع والعشرين التي تمر على أرضنا يومياً.
إن وقتنا الزاحف صوب التاريخ، لا يجب أن يضيع هباء، كما يهرب الماء من ساقية خربة. ولا شك أن التربية هي الوسيلة الضرورية التي تعلم الشعب العربي الإسلامي تماماً قيمة هذا الأمر. ولكن بأية وسيلة تربوية؟
إنه من الصعب أن يسمع شعب ثرثار الصوت الصامت لخطى الوقت الهارب!
إن شعباً هذه حاله أحوج ما يكون إلى قدوة، وطنية، قيادية، حازمة في تطبيق القانون على الجميع، ولا تسمح لأي انحراف عن مشروع النهضة التي تعلنه ريثما يعتاد الأفراد على هذا السلوك في حياتهم اليومية فتصبح ساعات العمل حقيقية ومن خلال إنسان يستطيع استغلال الوقت على أكمل وجه نستطيع أن نقول: أننا بدأنا نهضة عملية علمية حقيقية وفق خوارزميات التغيير الإجتماعي التي تناسبنا، و النهضة لا تقوم إلا بأيدي الأتقياء و الأذكياء.
وقد أمعن مالك بن نبي في الحفر حول مشكلات التخلف المزمنة متجاوزا الظواهر الطافية على السطوح إلى الجذور المتغلغلة في الأعماق، وباحثا عن السنن والقوانين الكفيلة بتحول الشعوب من حالة العجز إلى القدرة والفعالية، ومن مشكلة الاستعمار إلى مرض القابلية للاستعمار، ومن حالة تكديس الأشياء إلى حالة البناء، ومن المطالبة بالحقوق إلى القيام بالواجب أولا، والانتقال من عالم الأشياء والأشخاص إلى عالم الأفكار التي بها نبدأ بحل مشكلة التخلف، ويجب أن نصل إلى قناعة حتمية بأن مفاتيح حل المشكلات هي في الذات لا عند الآخر.
منقول عن: د. عبود العسكر
ـ[عفاف صادق]ــــــــ[17 - 07 - 2008, 07:52 م]ـ
بارك الله فيك أختي الكريمة على هذا التعريف الرائع بهذا العَلم الشامخ.
مشكور أخي ليث، ما رأيك في شروط النهضة (الإنسان، التراب، الوقت)؟
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[18 - 07 - 2008, 03:51 م]ـ
رحم الله مالكا
ومثله في الفكر جودت سعيد
والدكتور خالص جلبي
فطريقتهم واحدة
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 07 - 2008, 11:46 م]ـ
مشكور أخي ليث، ما رأيك في شروط النهضة (الإنسان، التراب، الوقت)؟
بارك الله فيك أختي عفاف
أمام هذا المفكر الفذ يقف الإنسان محاصرا بفلسفة عميقة، ورؤية دقيقة لمشروع الحضارة، وإني إذ أقول هذا الكلام فلا يعني كلامي أنني أعيش حالته الذهنية عندما كتب هذا الكلام، أو أوافقه موافقة كاملة، بل إن الرؤى حولنا تتباين، نقطف من تلك الحديقة زهرة وقد نقطف من هذه الحديقة زهرات.
هل نحن نعيش الحالة التي يعالجها هذا المفكر أم نعيش حالة تسبق تلك المرحلة، ونحن في زمن الاحتلال والغطرسة؛ ثرواتنا ليست بأيدينا، ومقدراتنا ملك لغيرنا؟!
إننا بحاجة إلى التحرر والاستقلال أولا، بحاجة إلى رجال أوفياء مستعدون لدفع ثمن هذه المرحلة، والثمن باهظ، والعواقب جسيمة، والمشاكل خطيرة.
بحاجة إلى فكر يجمعهم ومنهج يلم شملهم، والكلام يطول في هذا الاتجاه.
ولو افترضنا أننا في مرحلة تأهلنا خوض غمار هذه التجربة فإنني أتفق مع الكاتب، على أن الإنسان هو المحور، والعامل الأهم، وله الدور الأكبر في هذا المشوار الطويل، ويأتي في الدرجة الثانية دور التراب أو لنقُلْ المقدرات، وهي أحوج ما تكون لوحدة، فالوطن العربي لا يتجزأ، فما أبعد المشوار، وما أطول السفر.
أما الوقت فلا يقل أهمية فقيمته عظيمة، لكن أهميته عند بعضنا عديمة، ومن المؤسف أن تسمع كثيرا من الناس يقولون أريد أن أذهب إلى ذلك المكان لأضيع وقتا، ولو وعوا وتأملوا ما قالوا لعضوا على أصابعهم، لكن قلوبهم غافلة، وعقوله تائهة.
وإن سرنا في طريق الحضارة، فهل تتركنا الحضارات الأخرى المسيطرة نحقق أهدافنا، أم تضع أمامنا العراقيل في سبيل صدنا ومواجهتنا
على أية حال أرى الأفكار تتزاحم، والخواطر تتسابق، وأجد لزاما علي الوقوف هنا.