تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التفسير .. وإن لي لقلباً خشوعاً، وعيناً دامعة، وحياء من ربي يخنقني .. وبحمد الله ما أكلتُ مالاً حراماً قط، ولا ظلمت مسلماً في دين أو مال أو عرض، بل كنت أنا المظلوم .. وخاصتي يصفونني بمخروم اليد؛ لأن الله جبلني على رحمة تأكل قلبي؛ فكنت أنفق من غير سعة هازئاً بمواعظ البخلاء (كَرَمُ الفليس من إبليس)، ?وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? (16) سورة التغابن وإذا دخلتُ مسجد الحسيني بشقراء خنقتني العبرة، وظننت أنه يناجيني بحيطانه وأبوابه وترابه؛ لأنه روضتي المباركة في نشأتي قبل أ ن أعرف الظرفاء لا بارك الله فيهم .. وأهليَ سَدَنَةُ مسجد الحسيني، وسأغيظك بكثير من الحديث عن النفس حتى تعلم أنه الحق .. وقبل أن تُميِّعني غضارة الحضارة كانت تلك هي نشأتي على الصفاء؛ وإنني بين الفينة والفينة أشعر بالبشرى من ربي بحسن الخاتمة، وكنت باراً بوالديَّ وأقاربي أعول ستة بيوت، وكنتُ مكافحاً منذ نشأت وأنا أكتب الخط بأربعة قروش في الصفاة إلى هذه اللحظة التي وهن فيها العظم .. وليس هذا والله تزكية لنفسي؛ فالله أعلم بي في صلب آدم عليه السلام، ومنذ أنشأني في بطن أمي، ولكنني اضطررتُ إلى ما أبيح لي من الدفع عن النفس؛ إذْ غمزتَ ولمزتَ، وزكَّيتَ نفسك ضِمناً .. ولمزتَ بما حصل لي أخيراً من حسن التعامل مع الآخرين!! .. فيا هذا اعلم أن عشيرتي الكبرى هم أصدقائي وأحبابي، وما ذلك إلا أن الله جعل لي وداً .. وأما كل عُومة، وكل حاوٍ، وكل ماجن أو مجدِّف، وكل مقلد متمعلم: فأسدحه سدحاً، ويبرك عليه يراعي، ولا أبالي برضاه، واعلم يا هذا أن ما قلته هو حسن المعاملة؛ فلم أقبل نصيحة بعض الأحباب بالرفق في العبارة، ولكن كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى وأنت وكثير غيرك مستميتون في تقليده وإن لم تعلموا قوله تصوراً، ولم تفقهوا استدلاله إن كان خطأ أو صواباً، ولا سيما في عُضَل الفكر، ولذلك حديث يأتي إن شاء الله: ((ما ذكرتم من لين الكلام، والمخاطبة بالتي هي أحسن: فأنتم تعلمون أني من أكثر الناس استعمالاً لهذا لكن كل شيئ في موضعه حسن .. وحيث أمر الله ورسوله بالإغلاظ على المتكلم لبغيه وعدوانه على الكتاب والسنة فنحن مأمورون بمقابلته .. لم نكن مأمورين أن نخاطبه بالتي هي أحسن، ومن المعلوم أن الله تعالى يقول ?وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ? (139) سورة آل عمران، فمن كان مؤمناً فإنه الأعلى بنص القرآن، وقال سبحانه وتعالى: ?وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِين? (8) سورة المنافقون، ?إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي? سورة المجادلة (20) - (21) سورة المجادلة، وقال: والله محقق وعده لمن هو كذلك كائناً من كان .. ومما يجب أن يعلم أنه لا يسوغ في العقل، ولا الدين طلب رضى المخلوقين لوجهين: أحدهما أن هذا غير ممكن كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه (الناس غاية لا تدرك رضاها؛ فعليك بالأمر الذي يصلحك فالزمه، ودع ما سواه ولا تعانه)، والثاني أنا مأمورون بأن نتحرى رضى الله ورسوله كما قال تعالى:?وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ? (62) سورة التوبة، وعلينا أن نخاف الله فلا نخاف أحداً إلا الله كما قال تعالى:? فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ? (175) سورة آل عمران، وقال:?فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ? (44) سورة المائدة، وقال ?فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ? (51) سورة النحل، ?وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ? (41) سورة البقرة، فعلينا أن نخاف الله، ونتَّقيَه في الناس؛ فلا نظلمهم بقلوبنا، ولا جوارحنا، ونؤدي إليهم حقوقهم بقلوبنا وجوارحنا، ولا نخافهم في الله فنترك ما أمر الله به ورسوله خيفة منهم)) (1) .. وأنت بغيت عليَّ بهذا اللمز الخارج عن الموضوع وأنت في معرض براءة الذمة!! .. فأين لغوك هذا من أقوال المنصفين وهم كُثُر، وأذكر منهم مثالاً لا حصراً قولَ أخي الشيخ عبدالمنعم بن عبدالكريم الذكر الله: ((وللشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري من دماثة الأخلاق، ولطف السجايا، ولين الجانب، وكرم الشمائل، وحسن العشرة، وطهارة النفس، وخفة الرَّوح: ما علم به القاصي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير