[(يوم الدين أم يوم القيامة)]
ـ[محمد حسن]ــــــــ[26 Nov 2010, 12:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاؤنا اليوم مع الحلقة الخامسة من سلسلة حلقلت (تأملات وتدبر فى أم الكتاب)
وعنوان حلقة اليوم (يوم الدين أم يوم القيامة)
مالك يوم الدين:
نحن قلنا في الحلقة الماضية أن لفظة مالك يوم الدين هي قراءة لعدد من القراء الذين يمثلون مدناً وذكرنا ما قاله سيبويه في هذا المجال بأنه كان يشير إلى البلدان، إلى المدن: قرأ أهل الشام وقرأ أهل المدينة. لم تكتب الألف لأنه يبدو أن الكتبة كانوا ينظرون إلى الألف كما ننظر الآن نحن إلى الفتحة. فكما أننا لا نكتب الفتحة كانوا لا يكتبون الألف ولكن يلفظونها ومن هنا بقيت من آثار الأحرف ملك ومالك ودعونا إلى أنه المكان الذي اشتهر فيه لفظ مالك أن يبقى الناس يقرأون مالك حتى لو علم أن هناك قراءة أخرى. المكان الذي اشتهر فيه قراءة ملك أن يقرأ فيه ملك حتى إذا كان قرأ بهذا
ثم تمنينا على أمتنا أن تتوحد على حرف واحد أو على رواية واحدة تأسياً بما فعله عثمان رضي الله عنه وأقره عليه إثنا عشر ألفاً من الصحابة وأحرقوا سائر الأحرف فلا يتشبث الإنسان ويقول ماذا أصنع؟ كل حرف يغني أي تستطيع أن تستغني به هذا الكلام الذي قلناه. إذا قرأ يأي قراءة مما قرأ به القراء السبعة بالإجماع أو العشر وفيه بعض الكلام أو القراء الأربعة عشر وفيها كلام أكثر لكن في الأقل القراء السبعة يقرأ بقراءتهم ولا يعترض عليه إلا من قبيل أن تجعل الناس يتساءلون ما هذا؟ وما الفائدة منه؟ ما الفائدة أن تقرأ (فأدخلهم النير)؟ أنت تعرف أدخلهم النار أما حتى يعلموا أن هناك قراءة ماذا يستفيدون؟ وهذا على خلاف ما أراده عثمان رضي الله عنه وإثنا عشر ألفاً من الصحابة وإجماع الصحابة حُجّة وأحرقوا الأحرف وليس بقايا الأحرف.
كلمة الدين: قد يقول قائل لماذا لم يقل مالك يوم القيامة؟ أو يوم الحساب أو يوم الحشر؟ قلنا إن كلمة الدين تضم كل هذه المعاني فالدين الحساب، الدين الجزاء، الدين المِلك ومنه سُميت المدينة أي المملوكة لأن عموم الأرض عادة غير مملوكة فلما تملك هذه الأرض وتبني ويثير فيها ملك فسميت مدينته أي القطعة المملوكة التي يملكها الناس. ومنه الدين الإعتقاد أو العقيدة لو وضع أي كلمة أخرى لا تسد مسد كلمة الدين لأن الدين شاملة لكل هذه الأمور فهو يوم الحساب وهو يوم الجزاء وهو يوم الدين نفسه يوم العقيدة يوم بروز وظهور وانتصار الإعتقاد وكل هذه المعاني. لذلك نقول ليس هناك شيء يسد مسد لفظة الدين. وهو العادة والشأن (يقولون دينه وديدنه) كل هذه المعاني تجمع في هذا اليوم.
تبقى كلمة يوم: في التطور الدلالي الآن صار عندنا اليوم يمثل 24 ساعة وهذا ليس من كلام العرب. الأصل في كلام العرب أن اليوم هو النهار فإذا قالوا ثلاثة أيام يعني ثلاثة نهارات ومنه قوله تعالى (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما). هذا معناه أن الحساب سيكون في ظرف ليس كظرف حياتنا الآن لأن نحن الآن إلفنا دوران الأرض فيكون ليل ونهار وهذا ينظر في قوله تعالى (((يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات))) فالحساب في يوم يعني قياسها وكم يطول هذا النهار؟
في الآية الكريمة في سورة المعارج يقول تعالى (تعرج الملائكة والروح إليه في سوم كان مقداره خمسين ألف سنة) فذلك اليوم في طوله بعض المفسرين يقول: هذا طوله على الكافرين هكذا يكون وممكن يكون طوله يحسب ما نعدّ نحن عاماً للناس جميعاً لأن الإنتظار يطول حتى أن بعض الواقفين في هذا الموقف يقولون: ربنا أنقذنا من هذا ولو إلى النار لشدة الكرب وفي هذا الوقت يكون هناك أصناف من الناس في ظل ظليل كما حدّث الرسول صل1 لا يشهدون هذا العنت " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق، اخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه" رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين يذكرنا بقصة يوسف صل1 الذي رأى برهان ربه يعني معرفته بالشريعة. هؤلاء السبعة يكونون منعمين في ظل ظليل. فاليوم إذن نهار، كيف يكون هذا النهار؟ ما طوله؟ لا يكون هناك ليل يسكنون فيه ليس هناك سكون. هذا موجز.
خصّ تعالى يوم الدين بالذكر مع كونه مالكاً للأيام كلها
- فلماذا لم يقل مالك يوم الدين والدنيا؟
الذي يملك هذا اليوم في يوم الجزاء، يوم المحشر هو يملك كل شيء ويملك كل ما في ذلك اليوم. لما يقول ملك اليوم يعني ملك اليوم وما فيه. الزمن هذا بذاته لا فائدة من مِلكه. أن نملك زمناً وكيف نملك الزمن؟
لكن هذا أمر الله تعالى يملك الزمان والمكان وما في الزمان وما في المكان فملكه سبحانه وتعالى عام. لا حاجة لذكر الدنيا لأنه من باب أولى إذا ملك يوم الدين وملك الحساب فهو يملك كل شيء. هذا فيما يتعلق بمالك يوم الدين وكما قلت الإمام الرازي قال في الفاتحة لوحدها ما يربو على عشرة آلآف مسألة ونحن نقتنص منه ومن غيره مما وقفوا عنده.
ونلتقى انشاء الله فى الحلقة التالية عن قوله تعالى (((اياك نعبد واياك نستعين)))
¥