[تأملات قرآنية]
ـ[محمد فهد الحمود]ــــــــ[09 Dec 2010, 09:32 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين أما بعد:
فإن خير ما تقضى به الأوقات وتستجلب به المسرات وتحل به البركات هو بالعيش في ظلال القرآن الوارفة والنهل من معينه الصافي ولعلي أزدلف بكم عند آيتين من سورة الأحزاب (70، 71) حتى نجني من ثمارهما وتتجول أذهاننا في رياضهما.
قال سبحانه وتعالى " (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً *يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)
ينادي الله جل وعلا عباده المؤمنين بنداء ما أعظمه وما أجله إنه نداء يسكب في قلوب المؤمنين السكينة، ويفيض عليهم الطمأنينة إنه نداء من القوي إلى الضعيف، من الخالق إلى المخلوق، من الباقي إلى الفاني، يأمرهم فيه بتقوى الله سبحانه في جميع أمورهم وأحوالهم وخلواتهم وجلواتهم، وأن يقولوا القول الصواب الحق الذي لا باطل فيه ولا تلبيس معه، ووعدهم إن فعلوا ذلك بأن يوفقهم للأعمال الصالحة ويغفر لهم ذنوبهم ثم قال الله عز وجل (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) إي والله فوز وأي فوز إنه الفوز برضا الله تعالى ودخول جناته والنجاة من عذابه قال سبحانه (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).
ولي مع هاتين الآيتين عدة وقفات وفوائد جليلة يمكن إيرادها على النحو التالي:
1 - الهاء في لفظة (أيها) تسمى هاء التنبيه، أي أنها تعمل على شد انتباه السامع ومن هنا يمكن أن نستنبط من هذه اللفظة أن على الداعية أن يتعلم الأساليب التي تثير المخاطب وتقود قلبه إلى الانسياق وراء ما يريد أن يزرعه ويبذره في قلبه.
2 - مخاطبة المؤمنين بأحب الأسماء إليهم؛ إذ إن الله جل وعلا نادى عباده المؤمنين بأحب الأوصاف إليهم وهو وصف الإيمان، ومن ذلك المناداة بالكنية، يقول الشاعر:
أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقب
3 - إكرام الله تعالى لعباده المؤمنين وإجلاله لهم وعلو منزلتهم عنده؛ حيث إن الله تبارك وتعالى خصهم بالنداء وما ذلك إلا لرفعة شأنهم عنده، قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقال سبحانه: (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) وقال صلى الله عليه وسلم: (لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من إراقة دم امرئ مسلم) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " والفضل إنما هو بالأسماء المحمودة في الكتاب والسنة مثل الإسلام والإيمان والبر والتقوى والعلم والعمل الصالح والإحسان ونحو ذلك لا بمجرد كون الإنسان عربياً أو أعجمياً أو أسود أو أبيض ولا بكونه قروياً أو بدوياً " اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 415).
4 - تقوى الله سبحانه وتعالى وذلك بأن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية باتباع أوامره واجتناب نواهيه. وللتقوى مراتب ودرجات و عمودها التزام الأوامر واجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر كما أن من مكملات التقوى أداء السنن وترك المكروهات وفضول المباحات.
5 - التزام القول السديد وهو القول الصواب الذي يوافق مرضاة الله عز وجل ومن جملة القول السديد الأمور التالية:
أ - قول لا إله إلا الله من قلب مخلص لله سبحانه وتعالى وقد أخرج البخاري ومسلم عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله).
ب - قراءة القرآن الكريم قال جل وعلا: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور).
ج- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد عده بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام.
¥