[بين المصالح المرسلة والسنن الإلهية:]
ـ[محمد جابري]ــــــــ[10 Dec 2010, 10:10 م]ـ
[بين المصالح المرسلة والسنن الإلهية:]
من مشكاة السنن الإلهية نتساءل:
*- هل استوعب دارسو المصالح نصوص الكتاب؟
لاشك أن أخذ أئمتنا بالمصالح المرسلة لم يكن إلا من باب العمل برفع الحرج, وصرف الضرر لكونه قاعدة كلية، ثم إن المصالح تخضع أحيانا للأمزجة والأهواء, وهذا ما ستكشفه السنن الإلهية القرآنية.
وهل للسنن الإلهية من استنتاج غير ما سبق عن طريق المصالح المرسلة؟ هل السنن الإلهية جاءت لتزحزح المصالح المرسلة عن كونها أحد الأدلة المختلف فيها علما والمتفق عليها عملا؟
انطلاقا من أوامر الله الصادرة لمخلوقاته تهدينا السنن الإلهية القرآنية إلى ما يرتاح له الضمير وينساق له الفؤاد في راحة بال وسكون نفس.
لكن حتى لا نمضي لنفحص كل ما قيل عنه أنه جاء من باب المصالح المرسلة؛ لكون ذلك يقتضي تعقبه مجلدات نكتفي بالإشارة إلى بعض المصالح المرسلة, ونكشف ما انطوت عليه من انسجام أو مخالفة للسنن الإلهية وهكذا سنرى تبعا:
أولا: مسألة جمع القرآن.
ثانيا: تدوين الدواوين.
ثالثا: قتل الجماعة بالواحد.
رابعا: تضمين الصناع.
خامسا: ثلاث طلقات بكلمة واحدة.
سادسا: الخروج على الحكام.
ننطلق ونقتحم هذه المجالات بعد التوكل على الله والاستعانة به جل جلاله.
*- بين كلمات الله التامات والمصالح المرسلة عند الأصوليين:
السنن الإلهية أو كلمات الله التامات وهي عبارة عن عهود الله لكل شيء في هذا الوجود, ليسير الكون في نظامه البديع على نمط رفيع وبشكل رائع.
أن المصالح المرسلة منها المعتبرة شرعا ومنها الملغاة شرعا ومنها ما سكت عنها الشارع ولم يتعرض لها باعتبار ولا بإلغاء وهذه هي المصالح المرسلة أو الاستصلاح. فمن العلماء من اعتبرها وجعلها أصلا من أصول التشريع ومنهم من أنكر العمل بها.
ولا يوجد رابط بين السنن الإلهية من جهة والمصالح المرسلة من جهة ثانية. وليس المجال مجالا أصوليا للتصدي للفروق ومناقشةتعريف العلماء للمصالح المرسلة.
? جمع القرآن والمصالح المرسلة:
ولعل أول من أصل المصالح المرسلة في مذهبه: الإمام مالك رحمه الله, وإن لم يكن أول من عمل بها بحكم العمل بمقتضاها جرى في "عرف الأصوليين" منذ الخلافة على منهاج النبوة, أي منذ زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
ومن ذلك ما ثبت أن زيد بن ثابت t قال: أرسل إلي أبو بكر - مقتل أهل اليمامة – فإذا عمر بن الخطاب عنده. قال أبو بكر t : إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن, قلت لعمر, كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله r قال عمر: هذا والله خير ... الحديث. [ i] (http://tafsir.net/vb/#_edn1)1
E- يقول الأصوليون:
إن في جمع القرآن خير, والخير والمصلحة إن لم يكونا شيئا واحدا, فهما متلازمان, ففي كل مصلحة خير، وفي الخير مصلحة, ومصلحة جمع القرآن وإن لم يأمر بها الرسول صل1,فإنه بالمقابل لم ينه عن ذلك, فهي إذن مصلحة مرسلة.
ومن ذلك أيضا: تدوين الدواوين, وتضمين الصناع, وقتل الجماعة بالواحد إلى غير ذلك، وليس المقام مقام مناقشة الأصوليين في اعتبار المصالح المرسلة أو إلغائها بل في مقارنة ما توصل إليه العلماء من أقوال واجتهادات من باب المصلحة المرسلة مع ما تمليه السنن الإلهية في مواطن هذه الحالات.
ما سنة الله القرآنية فيما جرى به الحكم في هذا الباب عند الفقهاء؟
- جمع القرآن من منظور السنن الإلهية القرآنية:
اقتضت المصلحة المرسلة بجمع القرآن خشية ضياعه لما استحر القتل في القراء في حرب اليمامة.
لكن السنن الإلهية تنظر لهذا العمل الجليل على أنه جاء وفق وعد الله:
] إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ [القيامة: 17.
وهنا تكمن نبوة سيدنا محمد صل1 إذ لو كان مفتريا لهذا القرآن لحرص أيما الحرص على جمعه والنصح به حتى لا يضيع في ثنايا الإهمال، لكنه صل1 فعل ما أمره ربه وترك الأمر لمالكه, وإذا أراد الله شيئا هيأ له أسبابه.
كيف يجهد نفسه في تبليغ القرآن والدعوة إليه ثم يمضي إلى ربه ويتركه في صدور الصحابة, أو مكتوبا على الرقع, أو فيما تيسرت الكتابة عليه؟
¥