[أقسام القرآن وفوائدها]
ـ[محمد جابري]ــــــــ[14 Dec 2010, 07:59 م]ـ
[أقسام القرآن وفوائدها]
لئن عبرت السنن الإلهية عن كيفية السعي لإمساك الواقع وإدخاله حيازة الشرع؟ يبقى السؤال الجوهري كيف لنا بإعمال الكتاب كله بما فيه من نصوص اشتملت على القصص والأمثال والمواعظ فضلا عن الأحكام والعهود الربانية؟
والقرآن الكريم جعله الله روحا يستنطقها الربانيون عما غاب عنهم فتمدهم بفهم قريب عهد بربه، بل قد يشده المرء عندما يلمس أسرار قرآنية عبرت عنها روح القرآن بما لا مزيد عنه من البيان.
وإبعادا للجدل أقول صدق الله العظيم {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] ولاحظ اسم علي حكيم الذي انتهت به الآية هو الاسم الذي انتهت به آية التكليم الرباني {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51]
ولنبقى مع أقسام القرآن يقول الحق سبحانه وتعالى:
(((وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ))) النور: 34.
من خلال هذه الآية يتضح بأن القرآن جاء مشتملا على ثلاثة أصناف من النصوص:
1 - آيات بينات.
2 - القصص القرآنية.
3 - الأمثال والمواعظ.
التكامل القرآني
فحينما تعهد السنن الإلهية (أو العهود الربانية) للبشرية:
{هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّه ِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} محمد?: 38.
تأتي قصة أصحاب الجنة في سورة القلم ضمن القصص القرآنية مخبرة بأن الذين سبقوا بخلوا على المسكين، ومكروا مكرهم لحرمانه مما كان يجود به أبوهم، فكانت النتيجة أن حرموا هم أيضا من خيرات تلك الجنة لما بعث الله من أحرقها وأصبحت رمادا:
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِين (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)} سورة القلم.
وتؤكد الأمثال والمواعظ ذلك المنحى بقوله تعالى:
(((وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))) البقرة: 195.
ويضرب لنا سبحانه مثلا في استفسار استنكاري يبين بأنه شتان بين من يعتمد على الله وعلى وعده: (((وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ))) سبأ: 39. وبين من يتكل على حساباته وتقديراته ومعارفه، وأنه بالجملة لا حيلة لمحتال بين يدي قدرة الله:
(((أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ))) البقرة: 266.
هكذا تلتحم المعاني في عقد فريد، وتختلف إشعاعات لآلئه وتتكامل في صورة بديعة.
1 - مضامين الآيات البينات
فالقرآن الكريم كله آيات بينات، لقوله تعالى:
(((الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ))) يوسف: 1. خص الله منها نوعين من الآيات: أ- المحكمات. ب- المتشابهات.
أ- الآيات المحكمات:
وبعد تعميق النظر وجدنا بأن الحق عز وجل فرق بين الآيات البينات وجعل في مقابلها الآيات المتشابهات، كما أبان بأن من المحكمات:
مَنْ هُنَّ أمّ الكتاب:
وهو الشيء الذي نقصده بالسنن الإلهية القرآنية (أو العهود الربانية).
¥