د. مساعد الطيَّار .. ومقدمات التفاسير
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[12 Dec 2010, 09:19 م]ـ
د. مساعد الطيَّار .. ومقدمات التفاسير
مقدمة تفسير ابن جزي انموذجاً
تلقيت هدية من الأستاذ الحبيب الدكتور مساعد الطيَّار كتابه الجديد "شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل" لابن جزي الكلبي (ت:741هـ) الصادر عن دار ابن الجوزي في طبعته الأولى سنة (1431هـ).
عندها تذكرت شرحه لمقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت:728هـ) الصادرة عن دار ابن الجوزي في طبعته الأولى سنة (1427هـ).
فأدركت أنَّ الدكتور الطيَّار قد جعل مقدمات التفاسير مشروعاً مهماً ضمن مسيرته العلمية؛ وذلك لما تحتويه هذه المقدمات من الفوائد والعلوم المختلفة حول القرآن وعلومه سواءً قصرت هذه المقدمات أم طالت أم توسطت!!
وعلمت مؤخراً أنه يستفتح درسه –كل سبت في جامع الراجحي في الرياض- في تفسير الطبري بمقدمات التفاسير.
كما علمت أنه يحرص على جمع مقدمات التفاسير المخطوطة كمقدمة تفسير النقاش (ت:351هـ) , ومقدمة تفسير الثعلبي (ت:427هـ) وغيرهما.
شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لا بن جزي (ت:741هـ): كتاب قرأته فوجدته قيّماً ماتعاً خرجت من خلاله بالأمور الآتية:
الأول: غلاف الكتاب: مجلد باللون الأسود الذي يرمز إلى الفخامة أو كما يسمونه "ملكي", وقد نُقش على جانبه -بالطول- عنوان الكتاب, كما كُتب (العنوان-المؤلف-الشارح-المعتني-الناشر) باللون الذهبي, فكان لوحة فنية رائعة, إلاَّ أنه قد فات (الشارح أو المعتني أو الناشر) كتابة تاريخ وفاة المؤلف!!
الثاني: اعتنى بإخراج الكتاب بدر بن ناصر الجبر كما هو مدون على غلاف الكتاب, وفي هذه لفتة ينبغي أن نتنبه لها من ناحيتين:
(1) حِرص الدكتور الطيَّار على إسناد الفضل لأهله, وعدم غمط حقهم, حيث تم ذكر اسم المعتني على غلاف الكتاب وكان بإمكانه الاكتفاء بشكره خلال المقدمة, إلاَّ أنَّ هذا الصنيع فيه من الشكر والوفاء والتشجيع مالا يدركه إلاَّ أصحاب النظرة الثاقبة!! كما أنَّ العادة جرت عدم ذكر اسم المعتني والمُخرِّج على غلاف الكتاب إلاَّ بعد وفاة مؤلفه, إلاَّ أنها في هذا المؤلَّف قد تغيرت, وكأنها نوع من التمرد وكسر للنسق السائد!!
(2) مدى التعاون المطلوب بين الدارسين لتحقيق أهداف العلم والمعرفة, وهذا ما يدعوني إلى ذكر قضية مهمة وهي الاشتراك في التأليف التي سبقنا إليها الغرب, وتندر في البلاد العربية سوى ما كان في المقررات الدراسية, والمؤلفات التربوية!!
الثالث: انصب الشرح بالدرجة الأولى في كل ما يتعلق بقضايا القرآن وعلومه, بعيداً عن الطريقة التقليدية التي يستخدمها بعض الشُرَّاح من شرح الحمدله, والثناء على الله, والدخول في قضايا التوحيد, أو علوم النحو والصرف فيقوم بإعراب البسملة وغيرها من أمور المتن, فيكون استطراداً ليس من المناسب ذكره في هذا المقام!!
الرابع: التحليل والتحرير للشرح, بل التناغم مع عبارات وألفاظ ابن جزي, وكأن الدكتور الطيَّار قد ربطته علاقة قديمة بابن جزي الكلبي.
الخامس: تقسيم المقدمة إلى مقاطع (وحدات موضوعية) تناسب موضوعات علوم القرآن فمثلاً يأتي إلى مقطع يتكون من ثلاثة أسطر يتحدث فيه المؤلف عن ترتيب السور فيقوم الشارح في أعلى النص بكتابة عنوان "ترتيب السور" وهذا أسهل على القارئ وأيسر في تصور المقدمة في ذهنه.
السادس: بالنسبة لمقطع "نقط المصحف" فقد تناول المؤلف فيه مسألة نقط القرآن, وشكله, وتحزيبه, وتعشيره, وقام الشارح بشرح هذه المسائل إلاَّ أنه فاته –وأظنه نسياناً- الحديث عن مسألة تحزيب القرآن, ولعله يستدرك ذلك في الطبعة القادمة إنشاء الله.
السابع: وقفت على بعض الأوهام الإملائية ومنها الآتي: (ص:15) نبات=بنات/ (ص:17) السيهلي=السهيلي/ (ص:16) الأستاذين=الأساتذة/ (ص:215) أرد=أراد/ (ص:247) في قصة واحد=في قصة واحدة.
السابع: عودنا الدكتور الطيَّار أن يختم مؤلفاته بفهارس للفوائد العلمية فلماذا لم نجدها في هذا الكتاب؟
الثامن: كان للدكتور الطيَّار آراء نقدية تجاه بعض آراء ابن جزي الكلبي ومنها الآتي:
1 - مناقشته للمشكلتين اللتين ذكرهما ابن جزي حول بعض تفسيرات السلف (ص:22).
2 - جمع ابن جزي الألفاظ التي يكثر دورانها في القرآن من خلال المقدمة فيه جانب غير حسن (ص:26).
3 - قول ابن جزي أنَّ القرآن كان متفرقاً في الصحف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ص:34).
4 - نقده لرأي ابن جزي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من جمع القرآن (ص:36).
5 - نقده لقول ابن جزي "ولو وجد مصحفه –أي علي رضي الله عنه- لكان فيه علم كبير", ولكنه لم يوجد (ص:37).
6 - نقده لرأي ابن جزي أنَّ جمع أبي بكر رضي الله عنه للقرآن غير مرتب السور (ص:38).
7 - إنكاره على ابن جزي أن جعل التصوف من علوم القرآن (ص:82).
8 - نقده لتعريف ابن جزي للتفسير حيث عرَّفه ابن جزي بقوله: "شرح القرآن وبيان معناه, والإفصاح بما يقتضيه بنصه أو إشارته أو فحواه", فقد أيَّد الدكتور الطيَّار الشطر الأول من التعريف: وهو شرح القرآن وبيان معناه, أمَّا الشطر الآخر فهو خارج عن حد بيان المعنى (ص:85).
9 - نقده لرأي ابن جزي الذي يعتبر أن معنى التأويل هو حمل الكلام على غير ظاهره, واعتبر الطيَّار هذا التعريف من التعاريف المتأخرة فهو ليس معروفاً في كلام الله, ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم, ولا في كلام السلف, ولا في لغة العرب (ص:99).
10 - رده على ابن جزي أنَّ ليس كل ما هو زائد على القصص القرآني يكون مستغنى عنه؛ لأن هناك قصصاً نبوية شارحة لبعض القصص القرآني وفيها فوائد لم تذكر في القرآن (ص:117).
11 - رده على ابن جزي من أنَّ المفاضلة في جودة التفسير بين التابعين صعبة جداً, ولا حاجة لنا بها (ص:203).
12 - مخالفته لرأي ابن جزي من أنَّ المجاز موجود باتفاق, حيث قال الشارح: ليس بصحيح؛ لأنَّ هناك من خالف في وقوع المجاز .. (ص:260).
13 - وغيرها ينظر أيضاً (ص:264) , (ص:268) , (ص:270).
وفي الختام أتمنى أن أكون قد قدمت قراءة سريعة ومفيدة لهذا الكتاب الماتع
¥