[سنن الله في استبدال الأقوام]
ـ[محمد جابري]ــــــــ[16 Dec 2010, 12:37 م]ـ
[سنن الله في استبدال الأقوام]
في ظل قوله تعالى {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [سورة نبينا محمد صل1 الآية 38]
لعل الشيء الذي توليه الدول أعظم اهتماماتها هو الحفاظ على أمن الدولة، وتعتبر المساس به من أخطر الجرائم إطلاقا. ولما كانت جل الدراسات تنطلق من دراسة الأسباب المباشرة؛ أغفلت الدول أهم أسباب انقراضها وذهاب ريحها، ومن هنا أتاها القدر من حيث لا تحتسب.
وإنه لمن الغباء أن يمضي المرء في طريق يعلم مسبقا أن حتفه فيها، وما شأن التخطيط والدراسات الاحترازية إن لم تقينا وعورات الطريق؟ وتيسر السبل على أفضل وجه وبأقل كلفة؟
يعلم المسلم جيدا بأن لا فاعل في الوجود حقيقة إلا الله، وأن الله جل علاه سن سننا في هذا الكون:
1 - فمن اتخذها مطية ازداد حرصه, وثبتت دولته ثبات الكلمة الطيبة التي مثلها القرآن بشجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
2 - ومن لوى عنها وأعرض استدرجهم قدر الله من حيث لم يحتسبوا, وجاءهم حتفهم وهم لا يشعرون.
وشرع الله جل شأنه سنة استبدال الأقوام وضوابطها فقال جل شأنه:
{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: من الآية 140]
{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [سورة نبينا محمد r : من 38]
والناس من هذه النصوص بين مؤمن،وشاك، ومكذب، وذلك لما لم يحصل لهم اليقين على كلام الله؛ فتراهم مؤمنين ببعض الكتاب ومكذبين ببعض، أو يأخذهم اضطراب الفهم فيبررون ... .
السنة الأولى:
و المبدأ الإسلامي لا يتبنى الفكر ألإقصائي؛ لكونه يدرك جيدا أن من ينهج نهج الإقصاء قد أعطى شهادة وراثة النظام من بعده للمستضعفين بناء على وعده جل وعلا: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين} [القصص:5].
وضرب الله لنا مثلا عبرة لمن يعتبر: " مما كان من أمر فرعون وجنوده في غرقهم , وكيف سلبهم عزهم ومالهم وأنفسهم , وأورث بني إسرائيل جميع أموالهم وأملاكهم كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرائيلَ} [الشعراء: 59].
وقال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:5]
وقال هاهنا:
{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137]
"أي أَهْلَكَ ذلك جميعه، وسلبهم عزهم العزيز العريض في الدنيا، وهلك الملك وحاشيته، وأمراؤه وجنوده، ولم يبق ببلد مصر سوى العامة والرعايا" (البداية والنهاية لابن كثير ج1، أمر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون.)
السنة الثانية:
اشترط الحق جل وعلا شرطا واحدا وهو تحقيق: خشية الله؛ لتحقق تبعا: الغاية الإحسانية والغاية الاستخلافية.
1. الغاية الإحسانية:
وتتجلى في ابتغاء مرضاة الله, والفوز بلذة النظر إلى وجهه الكريم؛ مصداقا لقوله عز من قائل: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: من الآية.8]
تكمن الغاية الإحسانية في الفوز فبمرضاة الله، وطلب لذة النظر إلى وجهه الكريم؛ وما من سبيل إلى ذلك إلا خشية الله، كما لا سبيل أيسر إلى خشية الله إلا بالضراعة إليه عز وجل بأسمائه: اللَّه عَزِيزٌ غَفُورٌ؛ لقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: من الآية28] ومعلوم بأن الأسناء الحسنى ما جاءت إلا للاستعانة بها والتوسل بها إلى رب عزيز وهاب.
¥