تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إشارات في فقه الأولويات]

ـ[محمد جابري]ــــــــ[16 Dec 2010, 11:40 م]ـ

[إشارات في فقه الأولويات]

مافقه الأولويات؟

هو العلم بتفاوت القيم والأحكام والأعمال في نظر الشرع تفاوتا بليغا من إدراك تقدير الأمور والأفكاروالأعمال وأيها يجب أن يقدم وأيها يجب أن يؤخر، وأيها ترتيبها السبعون، وما شدد فيه الإسلام وما يسره، وما عظمه، وما هوّن من أمره. وما هو من الأركان وما هو من المكملات، وما هو أصلي، وما هو فرعي، وما هو صلب الموضوع، وما هو من هامشه، وما هو في الأعلى، وما هو في الأدنى، وما هو الفاضل، وما هو المفضول.

إن من تتبع نصوص الكتاب والسنة المطهرة وجد سلما ومعايير لبيان الأفضل والأولى والأحب إلى الله تعالى من الأعمال والقيم، والتكاليف، وبيان ما بينها من تفاوت كبير: وبالبيان يتضح المقال:

قال تعالى مبينا الفرق بين مراتب الرجال الذين ورثوا الكتاب، فقال عز من قائل {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (فاطر:32)

فوجود الظالم لنفسه والمقتصد ضمن الوارثين للكتاب هي إشارة للغفلة التي تصيب العاملين في الحقل الإسلامي حينما يغفلون أن الهدف الأسمى لديهم هو تسابق الخيرات للكينونة من أكرم الخلق عند ربهم.

ويبين سبحانه وتعالى درجة أعمال الصلاة والذكر في استقامة العبد:

{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت:45)

وبيّن سبحانه وتعالى الفروق بين الأعمال لتتسابق الهمم لأعلى الدرجات

{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (:19)، الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (التوبة:20)

كما بيّن سبحانه وتعالى الفروق بين القاعدين عن الجهاد والمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فقال سبحانه وتعالى:

{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (:95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}) (النساء:96)

ولا ينبغي أن ينصب الفكر إلى السيف كلما دار الحديث عن الجهاد، فالحرص على السلم العام، وجهاد البناء، والصبر على مشاق الواقع المرير، وهذه الشعب الإيمانية ليست أقل مكانة من جهاد التحرير والاستشهاد، بل قد عدت من الجهاد الأكبر لكونها تعني بعلم صناعة الحياة:

{مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة: من الآية32).

وشريعة الله سبحانه وتعالى جعلت معايير وسلما لترتيب الأعمال الفاضلة بعضها فوق بعض درجات، فكذلك سطرت مراتب المنهيات من كبائر وصغائر وشبهات ومكروهات، حتى يكون المرء على بينة من ربه:

ومن أمثلة ذلك في أحاديث ا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:

[درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية] (رواه أحمد والطبراني عن عبد الله بن حنظلة كما في صحيح الجامع الصغير). [شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع] (رواه البخاري في التاريخ عن أبي هريرة.) [أسرق الناس: الذي يسرق صلاته، لا يتم ركوعها ولا سجودها وأبخل الناس من بخل بالسلام] (رواه الطبراني في الأوسط عن عبد بن مغفل).

1 - أولوية الأصول على الفروع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير