وجزاكم خيراً أخي الكريم على هذا النقاش المفيد
التكلف الذي أقصده هنا هو من الجانب التفسيري وليس الإعرابي.
قال الإمام الطبري رح1: (((((فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ))) فعفونا عنه، وصفحنا له عن أن نؤاخذه بخطيئته وذنبه ذلك
(((وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى))) يقول: وإن له عندنا للقُرْبة منا يوم القيامة.
وبنحو الذي قلنا في قوله (((فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ))) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (((فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ))) الذنب)).اهـ.
وهذا المعنى هو الذي جرى عليه أكثر المفسرين المتقدمين والمتأخرين فيما أعلم.
إلا أنني وجدتُ الشيخ ابن عاشور رح1 ذكر في تفسيره ما يفيد إعرابه (ذلك) مبتدأ فقال:
((وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: (((فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ))) إِلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ خُصُومَةُ الْخَصْمَيْنِ مِنْ تَمْثِيلِ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ بِصُورَةِ قَضِيَّةِ الْخَصْمَيْنِ، وَهَذَا مِنْ لَطَائِفِ الْقُرْآنِ إِذْ طَوَى الْقِصَّةَ الَّتِي تَمَثَّلَ لَهُ فِيهَا الْخَصْمَانِ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْمَطْوِيِّ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ، وَأَتْبَعَ اللَّهُ الْخَبَرَ عَنِ الْغُفْرَانِ لَهُ بِمَا هُوَ أَرْفَعُ دَرَجَةً وَهُوَ أَنَّهُ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَرْضِيِّ عَنْهُمْ وَأَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ بِهِ عِنْد حد الْغُفْرَانِ لَا غَيْر)). اهـ
ولعله تبع في ذلك بعض المعربين، واتباع المعربين في كل ما يُجوِّزون من الأوجه الإعرابية لا ينبغي أن يعتمد عليه إذا خالف ما عليه المفسرون من السلف.
قال الإمام ابن الجزري رح1 ((ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء، أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفاً وابتداءً ينبغي أن يتعمد الوقف عليه، بل ينبغي تحري المعنى الأتم والوقف الأوجه، وذلك نحو الوقف على (((وارحمنا أنت)))، والابتداء (((مولانا فانصرنا))) على معنى النداء ونحو (((ثم جاءوك يحلفون))) ثم الابتداء (((بالله إن أردنا))) ونحو (((وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك))) ثم الابتداء (((بالله إن الشرك))) على معنى القسم ... )) إلخ كلامه رح1
فالمعنى الأتم والوقف الأوجه ما اقتصر عليه الطبري وغيره، ولم يذكر السيوطي في الدر المنثور عن السلف سواه، والله أعلم.
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[12 Nov 2010, 01:11 ص]ـ
بارك الله فيكم د. أحمد على النقل، وإن كنا لم نتبين مذهبكم
وأظن أن الوقوف على له غير سديد، ولا أدري من قال به قبل ابن عاشور، ومع ذلك، فهو من الناحية اللغوية مرجوح
ولا سواء مع الآيات الأخرى {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} الحج30
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج32
{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} الحج60
و (ذلك) وظيفتها هنا الاستفتاح وابتداء الكلام، ولا مكان لهذا في آية (ص) بل يكون الكلام ركيكا
ويحتاج الأمر - مع ذلك - أن نرجع إلى القصة الصحيحة، لا الإسرائيليات.