تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يَعْلَمُونَ (8) المنافقون) لرسوله: عطف مع وجود الضمير العائد على الله تعالى يعني أخذ اعزة من عزة الله تعالى ثم قال وللمؤمنين ما ذكر الضمير يعني وللمؤمنين بالله ورسوله فما أراد أن يجمع. لو قال في غير القرآن (للمؤمنين بهما) يضعف الكلام ثم يكون جمع الرسول مع الله تعالى وهذا لا يكون بالضميرين. عندما يقول (له الحكم، إليه ترجعون، لا إله إلا هو) لا يستقيم إلا (له الحمد).

الآية بعدها في سورة الروم (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)) كلمة سبحان الله سُئل عنها الإمام علي كرم الله وجهه فقال: كلمة رضيها الله عز وجل لنفسه فنحن نقولها. لا يمكن أن نقول سبحان فلان. التسبيح والتنزيه والتقديس لا يكون إلا لله عز وجل فهذه كلمة حاصرة حصرت (سبحان الله) التسبيح منحصر ثم الزمن منحصر والمكان منحصر. ذكر الزمان والمكان بحصر (حين تمسون) المساء والصباح والعشي والظهر وجعلت (وله الحمد في السموات والأرض) للمكان فكأنه صار هناك نوع من الإختلاط والإتصال بين التسبيح والحمد في هذه الأوقات والتسبيح والحمد لله سبحانه وتعالى في السموات والأرض ففيها إطلاق وفيها حصر وفيها حصر للزمان وحصر للمكان فإذن لا يناسبه إلا حصر الحمد بالله سبحانه وتعالى. هذا في هذه السورة.

الرحمن الرحيم:

الرحمن على وزن فعلان والرحيم على وزن فعيل ومن المقرر في علم التصريف في اللغة العربية ان الصفة فعلان تمثل الحدوث والتجدد والامتلاء والاتصاف بالوصف الى حده الاقصى فيقال غضبان بمعنى امتلأ غضبا (فرجع موسى الى قومه غضبان اسفا) لكن الغضب زال (فلما سكت عن موسى الغضب) ومثل ذلك عطشان، ريان، جوعان يكون عطشان فيشرب فيذهب العطش

اما صيغة فعيل فهي تدل على الثبوت سواء كان خلقة ويسمى تحول في الصفات مثل طويل، جميل، قبيح فلا يقال خطيب لمن ألقى خطبة واحدة وانما تقال لمن يمارس الخطابة وكذلك الفقيه.

هذا الاحساس اللغوي بصفات فعلان وفعيل لا يزال في لغتنا الدارجة الى الآن فنقول بدا عليه الطول (طولان) فيرد هو طويل (صفة ثابتة) فلان ضعفان (حدث فيه شيئ جديد لم يكن) فيرد هو ضعيف (هذه صفته الثابتة فهو اصلا ضعيف)

ولذا جاء سبحانه وتعالى بصفتين تدلان على التجدد والثبوت معا فلو قال الرحمن فقط لتوهم السامع ان هذه الصفة طارئة قد تزول كما يزول الجوع من الجوعان والغضب من الغضبان وغيره. ولو قال رحيم وحدها لفهم منها ان صفة رحيم مع انها ثابتة لكنها ليست بالضرورة على الدوام ظاهرة انما قد تنفك مثلا عندما يقال فلان كريم فهذا لا يعني انه لا ينفك عن الكرم لحظة واحدة انما الصفة الغالبة عليه هي الكرم.

وجاء سبحانه بالصفتين مجتمعتين ليدل على ان صفاته الثابتة والمتجددة هي الرحمة ويدل على ان رحمته لا تنقطع وهذا ياتي من باب الاحتياط للمعنى وجاء بالصفتين الثابتة والمتجددة لا ينفك عن احداهما انما هذه الصفات مستمرة ثابتة لا تنفك البتة غير منقطعة.

فلماذا اذن قدم سبحانه الرحمن على الرحيم؟

قدم صيغة الرحمن والتي هي الصفة المتجددة وفيها الامتلاء بالرحمة لأبعد حدودها لأن الانسان في طبيعته عجول وكثيرا ما يؤثر الانسان الشيئ الآتي السريع وان قل على الشيئ الذي سيأتي لاحقا وان كثر (بل تحبون العاجلة) لذا جاء سبحانه بالصفة المتجددة ورحمته قريبة ومتجددة وحادثة اليه ولا تنفك لان رحمته ثابتة. ووقوع كلمة الرحيم بعد كلمة الرب يدلنا على أن الرحمة هي من صفات الله تعالى العليا وفيها اشارة الى ان المربي يجب ان يتحلى بالرحمة وتكون من ابرز صفاته وليست القسوة والرب بكل معانيه ينبغي ان يتصف بالرحمة سواء كان مربيا او سيدا او قيما وقد وصف الله تعالى رسوله بالرحمة.

وللمقال بقية ان شاء الله

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير