تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن الجمع بين القراءتين يجمع الفائدتين مع مراعاة شيء أنه لما نقرأ كلمة ملك ينبغي أن نستحضر في أذهاننا ما كان يستحضره العربي في ذلك الزمان من كلمة ملك. الآن الملك هناك الملكيات (ملك فلان وملكة فلانة) موجود ملوك ولكن عددهم قليل. الملك الآن لا يملك البلد لا يكون مالكاً للبلد إسمه الملك وإنما هو رمز لوحدة تلك الدولة، لوحدة الأمة. الملك الفلاني رمز لوحده هذه الأمة لكن يكون غيره هو الذي يتصرف في الشؤون: البرلمان أو الوزارة. الملك هو عبارة عن رمز لوحدة الأمة. الآن هو ملك لكنه ليس مالكاً قطعاً لكن قديماً الملك كان يملك الأرض وملك شيء حتى جزئيات المملوكات التي يملكها الناس، الجزئيات ملكهم لكن كأنما هو يملكها لهم ولذلك لما مزّق كسرى رسالة الرسول صل1 بنفس المفهوم قال صل1 مزّق الله ملكه.

الدولة أو المملكة هي ملك للحاكم فنفهم هكذا حتى لما نقرأ مالك يوم الدين نفهم أن الله سبحانه وتعالى هو المالك المتصرف في شؤون ذلك اليوم ويملكه ولمّا يملك اليوم يملك ما فيه. عندنا الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بأنه ملك (((هو الملك القدوس))) ولم يُقرأ المالك هنا لأن القراءة في الحقيقة ليست على الرسم. هم كانوا يحفظون هكذا فلما جاء الرسم ووافق قراءتهم فقرأوها على الحفظ قبل أن يكون على الرسم.

(((ملك))) ما قرأوها مالك لأنه ما من أحد قرأها مالك. في مكان آخر قال تعالى (قل اللهم مالك الملك) فإذن لما نقرأ ملك يكون لنا سند والسند هو الرواية المتواترة الأمة عن الأمة وليس فرداً.، والأمر الآخر موافق لرسم المصحف وموافقة العربية وإن كان كما نقول دائماً أن القرآن حاكم على العربية وليست العربية حاكمة على القرآن. كلتا القراءتين لها وجهها والملك أو المالك يمكن أن نجمع بين القراءتين في هذا المجال وهذه خلاصة الفكرة: رسم المصحف والقراءة بحسب الأحرف والعلاقة بين القراءات والأحرف يعني أن القراءات الحالية هي ليست الأحرف وإنما بقايا الأحرف السبعة وآثار منها. القرآن كُتب على حرف قريش لكن إحتمل فظهرت فيه هذه القراءات. يجب أن نفهم اللفظة كما كانت في ذلك الزمان على ما استعمل.

كان هناك سؤال أرسلته أخت لنا أن الله تعالى يقول لأيوب صل1 (((أركض برجلك))) فتسأل الإنسان بماذا يركض؟ برجله .. فلماذا استعمل كلمة اركض برجلك؟

كلمة ركض ويركض في الإستعمال القديم كيف كان؟

لما ننظر في الإستعمال القديم وننظر في المعجم معنى ركض نجد أنها تأتي بمعنيين:

- المعنى الأساسي هو تحرك الرجل أو الضرب بالرِجل، يقال الفارس ركض فرسه أي ضربها بقدميه.

- ثم استعملت بعد ذلك بمعنى آخر وهو العدو (عدا يعدو). أُركض برجلك: هو مريض يعني أرفس الأرض برجلك ينبثق ماء هذا مغتسل بارد وشراب فتغتسل وتشرب وليس معناها اعدو. هو مريض يحتاج إلى علاج فلا يقول له أركض هو يريد: ارفس برجلك

فأنت إفهم العبارة القديمة كيف كانت تستعمل. لما تقرأ (وجاءت سيارة) لا تقول سيارة كما نفهمها اليوم فلم يكن هناك سيارات وكلمة قطار يقال جاعت القافلة فذبحوا آخر القطار. كيف؟ القطار هو الصف من الإبل. فكلمة ملك لا ينبغي أن نفهمها الا في إطارها في ذلك الزمان. الملك في ذلك الزمان كان متصرفاً في شؤون رعيته ولذلك على لسان بلقيس (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها) كانوا يتصرفون بنوع من الطغيان على الجميع وليس الملوك فقط. كل الرؤوساء حتى شيخ العشيرة (لك المرباع منها والصفايا وحكمك والنشيطو والفضول) يعني لما تغزو القبيلة وتأخذ الغنائم: أولاً ربع الغنيمة له من غير تقسيم وما يصطفيه لنفسه وما هو غير قابل للقسمة ومن يختاره له أو لغيره هو لا شك يعطي هكذا كان التصرف. فهذا المِلك التصرف العام ينبغي أن نفهمه من قولنا مالك يوم الدين أو ملك يوم الدين أي أن الله تعالى هو المتصرف في كل شيء تصرفاً مباشراً وليس لأحد أن يتصرف في هذا الملك فضلاً عما يحتاج هذا من تفصيل ولا نريد أن نطيل في هذه المسألة.

(((الدين))) من الألفاظ المشتركة في القرآن الكريم فهي تأتي بمعنى الطاعة والإسلام والحساب والجزاء فما اللمسة البيانية في إختيار الدين؟

ونلتقى انشاء الله فى الحلقة القادمة لأكمل معنى قوله تعالى (((مالك يوم الدين)))

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير