تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ان الليل _ وخاصة وقت السَّحَر _من أفضل لأوقات للتذكر , فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء , وبسبب بركة الوقت حيث النزول الإلهي.

ومما يدل على أن القراءة في ليل أحد مفاتيح التدبر قوله تعالى {ومن الليل فتهجد به نافلة لك .. الآية} (9)

وقوله {إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا} (10)

قال الشيخ عطيه سالم يحكي عن شيخه الشنقيطي رحمه الله: " لايثبت القرآن في الصدر , ولايسهل حفظه , وييسر فهمه إلا القيام به في جوف الليل " , وقال السري: (رأيت الفوائد ترد في ظلام الليل)

وقال النووي: (ينبغي للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل أكثر , وفي صلاة الليل أكثر , والأحاديث والآثار في هذا كثيرة .... الى آخر كلامه رحمه الله)

المفتاح الخامس / التكرار الأسبوعي للقرآن أو بعضه:

أهمية ذلك: كلما تقاربت أوقات القراءة وكلما كثر التكرار كان أقوى في رسوخ معاني القرآن الكريم , ومن أجل ذلك كان السلف يواظبون على قراءة القرآن ويحرصون أكثر على كثر تلاوته وتكرارها.

وان عادات النجاح ليست كثيره بل هي واحد وهي: المحافظه على قراءة حزبك من القرآن , بل هي عبادة وليست عادة.

كيفية تحزيب القرآن ومدة الختم: قراءة القرآن مثل العلاج لابد أن يكون بمقدار معين لايزيد ولا ينقص حتى يحدث أثره.مثل المضاد الحيوي .. ان طالت المده ضعف أثره وان تقارب اكثر من المناسب أضر بالبدن.

فكذلك قراءة القرآن.

كيفية تطبيق هذا المفتاح: بتطبيق قاعدة (أدومه وإن قل) .. وبالتدرج في القراءة والتحزيب.

المفتاح السادس / أن تكون القراءة حفظاً:

أهمية هذا: ان مثل الحافظ للقرآن وغير الحافظ , كاثنين مسافرين الأول زاده التمر , والآخر زاده الدقيق , فالأول متى ماجاع اخذ التمر وأكل , والثاني لابد له من النزول والعجن وايقاد النار والخبز والانتظار.

والعلم مثل الدواء لا يؤثر حتى يدخل الجوف ويختلط بالدم , وان لم يكن كذلك فإن أثره مؤقت.

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب) (11)

وقال ابن تيمية " انا جنتي وبستاني في صدري أنّى رحت فهي معي " وهو يريد بذلك القرآن والسنة.

وقال سهل بن عبدالله لأحد طلابه: أتحفظ القرآن؟ قال: لا. قال: واغوثاه لمؤمن لايحفظ القرآن! فبم يترنم! فبم يتنعم! فبم يناجي ربه!)

وهذا المقصود من كون الحفظ احد مفاتيح التدبر لأنه متى كانت الآية محفوظة فتكون حاضرة.

المفتاح السابع / تكرار الآيات:

إن الهدف من التكرار هو التوقف لاستحضار المعاني , وكلما كثر التكرار كلما زادت المعاني التي تفهم من النص , والتكرار أيضاً قد يحصل لا إرادياً تعظيماً أو إعجاباً بما قرأ ,وهذا مشاهد في واقع الناس.

فالتكرار نتيجة وثمرة الفهم والتدبر وهو أيضاً وسيلة اليه حينما لايوجد , قال ابن مسعود رضي الله عنه (لاتهذوه هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل , قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب , ولايكن هم حدكم آخر السورة)

وهكذا كان حال السلف رحمهم الله ورضي عنهم.

المفتاح الثامن / ربط الألفاظ بالمعاني:

مفهومه: أي حفظ المعاني , وهو أيضاً ربط الآية بالواقع؛ أي تنزيل الآية على المواقف والأحوال اليومية التي تمر بالشخص , هو التمثيل بالقرآن في كل حدث يحصل في اليوم والليلة , بحيث يبقى القرآن حياً في القلب تؤخذ منه الإجابات والتفسيرات للحياة.

أنواعه: عفوي , قصدي

العفوي / إلهامات وفتوحات يفتحها الله على من يشاء من عباده

القصدي / هو أن تقوم بالربط ثم التكرار حتى يرسخ ويثبت

والتكرار الذي يحقق الربط نوعان: تكرار آني , تكرار اسبوعي

الآني / تكرار الايات اثناء قرائتها

الاسبوعي / تكرارها اسبوعياً

كيفية الربط / ان تكرر اللفظ مع استحضار معنى جديد في كل مره , حتى تمر على كل المعاني التي يمكن ان تتذكرها من النص أو اللفظ.

المفتاح التاسع / الترتيل:

يعني الترسل والتمهل.

ومن ذلك مراعاة المقاطع والمبادئ وتمام المعنى , بحيث يكون القارئ متفكراً فيما يقرأ.

قال الحسن البصري (يا ابن آدم كيف يرق قلبك وإنما همتك آخر السورة!)

قال ابن مفلح رحمه الله (أقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة , وأكمله أن يرتل القراءة ويتوقف فيها)

والصحيح أن من أسرع في القراءة فقد اقتصر على مقصد واحد من مقاصد القراءة وهو: الثواب.

ومن رتل وتأمل فقد حقق المقاصد كلها وكمل انتفاعه بالقرآن واتبع هدي النبي صلوات ربي وسلامه عليه وصحابته الكرام رضي الله عنهم.

المفتاح العاشـ ـر / الجهر بالقراءة:

عن ابو هريرة قال: " ليس منّا من لم يتغن بالقرآن يجهر به "

وعنه ايضاً قال أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت أن يجهر بالقرآن) (12)

قال ابن عباس لرجل ذكر انه يسرع القراءة (إن كنت فاعلاً فاقرأ قراءة تسمعها أذنك ويعيها قلبك)

وعن ابي ليلى قال (إذا قرأت فاسمع أذنيك فإن قلبك عدل بين اللسان والأذن)

فإن الجهر بما يدور في القلب أعون على التركيز والانتباه ولذلك تجد الانسان يلجأ اليه قسراً عندما تتعقد الأمور ويصعب التفكير.

ختاماً /

ان من يواظب على قراءة القرآن كما تم بيانه ووصفه من حال السلف فإن هذا سيؤدي إلى حياة قلبه وقوة ذاكرته وصحة نفسه وعلو همته وقوة ارادته , وهذه هي مرتكزات النجاح الحقيقيه , ذلكم النجاح الشامل المتكامل الثابت في حال الشده كما هو في حال الرخاء.

إن من يطبق هذه المفاتيح العشرة فسيرى بأم قلبه نور القرآن ... ويكون ممن قال الله فيهم {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكيا}

بقلم الدكتور / يحيى الغوثاني جزاه الله خيراً ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير