جاء اسم " السميع العليم " سواء في دعاء سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام أو امرأة عمران عليه السلام منسجما مع مواطن استعمال الاسم التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، في القرآن الكريم.
خلاصة:
ودل اختلاف الزمان على أن سيدنا إبراهيم الخليل وسيدنا إسماعيل وامرأة عمران، وسيدنا محمدا عليهم جميعا أزكى الصلاة والسلام لم يجتهدوا في استخراج هذه الأسماء ولنفس الغرض، بل كان ذلك من تعليم العليم الحكيم سبحانه إياهم لاستعمال هذا الاسم في موطن تقبل الدعاء، وما علينا إلا اقتباس الحكمة والسير على دربهم.
3 - أرحم الراحمين
- مع دعاء سيدنا موسى عليه السلام:
] قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ([الأعراف: 151].
ويستجيب الله دعاءه بعدما توعد الذين اتخذوا العجل بالغضب والذلة في الحياة الدنيا، وكذلك يكون جزاء المفترين وفق الحكمة الإلهية.] إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيم [[الأعراف: 152 - 153].
واسم "أرحم الراحمين" يسوقه الله جل جلاله على لسان كل من سيدنا يعقوب عليه السلام: إذ] قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [[يوسف: 64].
] قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [[يوسف: 92]. وأما سيدنا أيوب عليه السلام فينادي ربه:] أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [[الأنبياء: 83].
خلاصة:
فاستعمال الاسم من قبل سيدينا موسى ويعقوب عليهما السلام في مجال الاستغفار دليل باختلاف الزمان على تعليم الله إياهم، بينما استعمال سيدنا أيوب عليه السلام له في مجال الالتجاء من الضر لم يكن عن اجتهاد؛ إذ أقر الله ذلك في قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين} َ [الأنبياء: 84]. فاستجابته للدعاء ثم قوله "ذكرى للعابدين" تأكيدان للمنحى الذي نحاه سيدنا أيوب عليه السلام فأصبح دأب الملتجئين، ودرب المبتلين.
4 – الله رب العالمين:
سيق هذا الاسم على لسان ابن آدم عليهما السلام: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 28].
كما جاء أيضا في سياق دعاء أهل الجنة] دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [[يونس:37]
وخص القرآن الكريم موطن استعماله لطلب الاستقامة {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ [28] وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [29]} [التكوير]. وهو ما ينسجم مع خشية الله والدعاء حيث جاء استعماله في الآيات السابقة.
5 – أحكم الحاكمين:
- دعاء سيدنا نوح عليه السلام:] وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ [[هود: 45].وجاء التصحيح الرباني ليشفي صدر نوح] قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [[هود: 46]. وكان يكفيه تشبثه بعهد ربه وبخاصة وهو يؤكد] وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ [لكن العاطفة المجنحة تعمي وتصم.
أما الاسم " أحكم الحاكمين " فقد جاء في القرآن الكريم في شكل استفسار استنكاري] أَلَيْسَ اللَّهُ بأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ؟ [[التين: 8] بعد ما ساق الكلام عن حكمة خلق الإنسان.
وهو ما ينسجم مع ما جاء به سيدنا نوح عليه السلام.
¥