تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا تبيّن ما سبق وعلمنا أن الناس مراتب والأعمال والقربات درجات، يبقى علينا أيضا إدراك أصول الأمور وفروعها:

العقيدة هي الأصل والتشريع فرع

1ـ وأول ما ينبغي الاهتمام به في مجال المأمورات التشريعية هو تقديم الأصول على الفروع.

ونعني بتقديم الأصول تقديم ما يتصل بالإيمان بالله تعالى وتوحيده وحسن الظن به، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، على غيره من الأعمال؛ وفي هذا الصدد قال تعالى موضحا جزاء سوء الظن بالله، فكيف بالمكذب بالإيمان به:

{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (فصلت:23)

{وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} (آل عمران: من الآية154)

{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (الفتح:6)

وذلك لكون الأعمال بدون إيمان بالله لا تفيدشيئا ومن هنا تمايزت الأعمال القلبية عن الأعمال البدنية ويزيد قوله تعالى بيانا:

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة:177)

فالأعمال وإن تفاوتت مراتب ودرجات كانت الأفضلية في تقديم بعضها على بعض.

2 - أولوية الفرائض على السنن والنوافل

تتفاوت رتبة المأمورات تفاوتا بيّنا فمنها:

أـ المأمور به على جهة الندب والاستحباب

ب ـ المأمور به على جهة الفرض والإيجاب

ج ـ ما كان فوق المستحب ودون الفرض ويسميه البعض الواجب

د ـ الواجب المفروض وهو نوعان المفروض:

ـ فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل

ـ فرض عين وهو ما يتوجه فيه الخطاب إلى كل مكلف مستوفي الشروط

1 ـ وتعطى الأولوية لفرض العين على فرض الكفاية وتتفاوت فروض العين أيضا.

3 - تقديم حقوق العباد على حق الله المجرد

ـ ففي الصحيح [يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين] (رواه مسلم عن عبد الله بن عمر في الإمارة 1886)

وتوفي رجل من الصحابة في خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال [صلواعلى صاحبكم "فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال إن صاحبكم غل في سبيل الله " ففتشوا متاعه فوجدوا فيه خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين] (رواه الإمام أحمد 4/ 114 وأبو داود 2710 والنسائي 4/ 64 وابن ماجة 2848 والحاكم و صححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي كلهم من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى ابن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني).

ومن ذلك أنناحفظنا على بعض شيوخنا قولهم: " ما كان حقا لله فاصفح وما كان حقا للعباد فاشحح ".

4ـ أولوية حقوق الجماعة على حقوق الأفراد:

اقتضى واجب الدفاع عن الأمة والذود عن أمنها وجود جيوش تحمي الحمى وإلى ذلك يشير قوله تعالى:

{انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (التوبة:41)

5ـ أولوية الولاء للجماعة والأمة على القبيلة والفرد

وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى:

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الحجرات:9)

فمعلوم بأن الشريعة انبنت عل قاعدة لا ضرر ولا ضرار، لكن حينما تهم فئة بالاستئثار بحق من الحقوق دون غيرها من الفئات يكون ذلك سبب نزاع قد يفضي إلى تقاتل وهي كبيرة من الكبائر.فعندئذ وجب إيقاف نزيف الدم بالصلح؛ لكن إن استبدت فئة بما لها من قوة وثابرت على القتال وجب على كل المسلمين المساهمة في قتالها بأنها الفئة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله، فإن رجعت وجب الحكم بينهما بالعدل والصلح بين الفئتين، وإنهاء الخلاف.

ـ[طالبة العلم الأحسائية]ــــــــ[19 Dec 2010, 12:02 ص]ـ

جزاكم الله خيراً ..

ـ[منيب عرابي]ــــــــ[23 Dec 2010, 07:13 م]ـ

جميل ... ذكرني بكتابات شيخنا القرضاوي حفظه الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير