تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الفعل لا محل له من الإعراب مثل الحرف، وإنما أعرب المضارع لما شابه الاسم إعرابا لفظيا لا غير، فالرفع والنصب والجزم في المضارع لا تدل على معان نحوية كالمعاني النحوية التي تؤديها الأسماء من فاعلية أو مفعولية أو إضافة، لذلك لا حاجة بنا أن نقول فعل ماض في محل جزم كما لا نقول فعل ماض في محل رفع أو نصب.

وهذا الرأي كذلك طالما وجدنا من النحاة والمعربين من يقول خلافه , ويعرب الفعل الماضي الواقع شرطا أو جزاء بعد أداة الشرط الجازمة في محل جزم

فهذا الشيخ ابن عثيمين في التفسير يقول: في قوله تعالى: {) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:181)

"قوله تعالى: {فمن بدله}؛ الفاء عاطفة؛ و «مَن» شرطية؛ و «بدل» فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط "

ومحيي الدين عبد الحميد يقول في تعليقه على شرح ابن عقيل:

"وفعل أمر ومضي بنيا ... وأعربوا مضارعا إن عريا

" إن " حرف شرط " عريا " فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط"

وقال في قوله: "واسما أتى وكنية ولقبا ... وأخرن ذا إن سواه صحبا"

"صحب: فعل ماض فعل الشرط، مبني على الفتح في محل جزم "

والشيخ الفوزان في " تعجيل الندى بشرح قطر الندى " يقول:

"قال تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (1) فـ (حيثما) اسم شرط جازم مبني على الضم في محل نصب خبر (كان) (2) و (ما) زائدة إعراباً مؤكدة معنى (كنتم) كان: فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء: اسمها، والميم: علامة الجمع. (فولوا) الجملة في محل جزم جواب الشرط."

ومحمد علي الصبّان قال في " حاشية الصبان على شرح الأشموني .. " في باب عوامل الجزم: "قوله (إلى ما يجزم فعلين) أي غالباً والا فقد يجزم فعلا وجملة كما إذا كان الجزاء جملة مقرونة بالفاء أو إذا الفجائية فإن محلها جزم على ما في المغني من التفصيل بين أن يكون الجزاء لشرط غير جازم مطلقاً أو جازم ولم يقترن بالفاء ولا باذا الفجائية فلا يكون له محل نحو لو قام زيد لقام عمرو ونحو إن يقم أقم لظهور الجزم في لفظ الفعل وإن قمت قمت لأن الذي في محل جزم الفعل لا الجملة بأسرها .. "

فماء إما أن يعرب تمييزا أو مفعولا به بعد حذف الجار لامتلأ، أما في نحو: ملأت الحوض ماء، فيعرب تمييزا أو مفعولا ثانيا بعد حذف الجار، وليس مفعولا ثانيا كما في أعطيت زيدا درهما.

أمّا عن الفعل "ملأ" وتميزه فقولك فيه مقنع بارك الله فيك

وإن كنت رأيت من يجعله مفعولا ثانيا

ولك منّي خالص الود والتقدير

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 01:30 ص]ـ

مرحبا بمشرفنا العزيز أبي العباس

أما عن إعراب الجمل فالأصل أن الجملة لا محل لها من الإعراب، لأنها ليست محلا لتوارد معاني النحو، وإنما أعطيت بعض الجمل إعرابا لأنها تقع موقع الاسم وتسد مسده، كالجملة الخبرية والواقعة صفة أو حالا، وكذلك الجملة التي تقع بعد الظروف التي تضاف للمفرد، يجوز أن تكون في محل جر، أما ما عدا ذلك فلا محل لها من الإعراب.

أعمل فكرك يا أبا العباس وانظر كيف يكون لجملة جواب الشرط محل من الإعراب وجواب الشرط يستحيل أن يقع موقعه المفرد، وقد أجاب من حكم بإعرابها بأن المضارع يقع موقعها والمضارع مفرد، وهل كان المضارع يوما مفردا، فالفعل لا ينفك عن فاعله، وهل يتصور أن يكون الجواب مضارعا بلا فاعل، هذا لا يتصور أبدا، فالمحل محل الجملة فعلية كانت أو اسمية، وهي لا تختلف عن جملة فعل الشرط من حيث كونها جملة غير أن جملة الشرط لا تأتي اسمية، ولكنهما لا يخرجان عن كونهما جملتين ولا يقع المفرد محلهما في حال من الأحوال. لكن إذا عطف على جملة جواب الشرط أو فعل الشرط بجملة فعلها مضارع جاز جزمه.

أما عن كون الماضي الواقع بعد أداة الشرط في محل جزم فقول لا فائدة فيه إلا التنبيه على أن هذا المحل لو وقع فيه مضارع لانجزم، وهو أمر بدهي، وهذا القول يوهم أن الماضي يستحق الإعراب لكن بناءه على الفتح منعه من الجزم، وليس هذا الأمر صحيحا فالماضي والأمر لا يستحقان الإعراب أصلا، وإنما أعرب المضارع لمشابهته الاسم، لذلك إذا قلنا في نحو: لا تقعدنّ، إن الفعل المضارع مبني وهو في محل جزم فله وجه لأنه معرب واتصاله بنون التوكيد منع الإعراب، فإذا قلنا في محل جزم فقد نبهنا إلى إعرابه أما الماضي فلا وجه لأن نقول إنه في محل جزم.

واعلم أن الأفعال لم تستحق الإعراب لأنها ليست محلا لتوارد المعاني النحوية، وإنما هي مولدة لمعاني النحو، فبها تتولد الفاعلية والمفعولية وما يلحق بهما، وكذلك الحروف تولد معاني النحو ولا تستحق الإعراب، والذي تتوارد عليه معاني النحو هو الاسم فقط.

ولو رجعت إلى المتقدمين من النحويين لوجدت هذا المفهوم عندهم واضحا، ومنهم أخذت وبهم اقتديت لا بالمتأخرين من أمثال ابن هشام ومن جاء بعده، مع تقديري لجهودهم، رحمهم الله وجزاهم عنا خير الجزاء.

مع التحية الطيبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير