وما دام قد اختلف في الرجل هذا الخلاف ويخرّج له البخاري وينتقي من حديثه من كتب الرجل نفسه كل هذا ينبغي أن يمنعك من أن تقول أن الإسناد لا يصلح للإعتضاد
وقد تقبلت الأمة صحيح البخاري بالقبول إلا ألفظا يسيرة وهذا إجماع لا يجوز التهاون بشأنه
ويكاد المحدثون يجمعون على صحة جميع أحاديثه وإجماع أهل الحديث حجة كما قال شيخ الإسلام
فالحديث بطريقيه حسن لغيره
خاصة إذا علمت أن رواية إبن طهمان - على القول أنه لم يلق ابن أبي ذيب - يصححها بعض أهل الحديث الذين لا يشترطون اللقاء والسماع بل يكتفون بالمعاصرة، فعلى قولهم إسنادها حسن ثابت ولا حاجة لرواية إبن أبي أويس
ودع عنك وفقك الله النقل عن كتب المصطلح وخاصة العصرية، فعلم الحديث وعلله علم تجربة وفن تطبيق وملكة يقذفها الله في قلب ونفس المحدث وليس قواعد جامدة تصيب أحيانا وتخطئ أحيانا أخرى
مِن أقوال ابن معين في إسماعيل بن أبي أويس ...
وكيف يقول عنه مرة أنه (ليس به بأس) كقول الإمام أحمد إذا كان يتهمه بالكذب؟!!
فلماذا أخذت بقوله هنا وتركت قوله هناك، ونحن لا نعلم أيّ قوليه المتأخر، ولأن يأخذ الرجل بما إتفق عليه أحمد وابن معين أولى وأحق.
ومَن كان هذا حالُه فكيف يصلح حديثه للشواهد والمتابعات؟
ومن كان هذا حاله فكيف رضي البخاري أن يخرّج له؟!، وكيف لم ينتقده على ذلك أحمد وابن معين والمديني؟!، وكيف سكت آلاف العلماء منذ إثني عشر عاما على هذا؟!
ما ذلك إلا لأنهم لم يذهبوا لما ذهبت إليه، فاستمسك بغرزهم فإنهم على هدى مستقيم، وما كان الله ليجمع هذه الأمة على ضلالة، فكل هذه القرون لا تجد من أهل العلم من وافق الإسماعيلي على طعنه في هذا الحديث، وما ذاك إلا لأنهم إرتضوه وارتضوا تصحيح البخاري له، وقد قلت لك أن هناك عشرات الألوف من الأسانيد مفقودة كانت موجودة عند البخاري وأهل زمانه فما يدر يك أن منها ما يعضد هذا الحديث.
وهو مع ذلك علّق رواية ابن طهمان لمخالفتها إسناد ابن أبي أويس بزيادة أبي سعيد المقبري بين سعيد وأبي هريرة. وتلك قرينة على عدم الضبط لا يُمكن إغفالها،
الزيادة من الثقة مقبولة، وما المانع أن يحدث سعيد عن أبيه مرة ويحدث ثانية عن أبي هريرة؟! وهذا كثير في رواية الثقات الأثبات
(1) لم يزعم أحد من الأئمة رحمهم الله أنه استقصى جميع الأحاديث المعلولة، فما سكتت عنه كتب العلل ليس معناه أنه صحيح.
ولماذا سكتوا؟ أوليس قد تُعقّب البخاري في عشرات الأحاديث ن فما منعهم أن يتعقبوه في هذا وفي سائر مروياته عن إبن أبي أويس؟!
وبالتالي فعدم الوقوف على العلة لا يعني انتفاءها وذلك لأنها كامنة مستترة، فإذا بانَت فلا يُحتجّ بعدم وقوف السابقين عليها، لما علمتَ أنهم لم يستوعبوا كلّ الأحاديث المعلولة. وإلاّ فكم من حديث معلول لم يتعرّض له الدارقطني!
ليس القضية قضية علة فقط، إنما هذا القبول المتواتر لأحاديث البخاري، وما ينبغي لأحد بعد إثني عشر قرنا أن يدعي أن الله هداه لما أضلّ عنه البخاري وأحمد وابن معين والدارمي وابن تيمية وابن القيم وابن حجر وسائر أهل العلم الذين تقبلوا هذا الحديث ورضوه، وليسوا يجهلون حال إبن أبي أويس، ولسنا اعلم منهم، مع أني لا أعتقد عصمتهم، لكن إن لم يكن هذا إجماع من أهل العلم فما هو الإجماع إذا ً؟ ّ! ولا إعتبار بخلاف الواحد والإثنين، فلو أردنا إعتبار هذا ما كاد أن يصحّ لنا إجماع أبدا.
والله أعلم
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[29 - 03 - 09, 01:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
واما تضعيف الحديث من أصله فمن سبقك؟ إن كنت ستقول الإسماعيلي
فكيف تترك سائر أهل العلم الذين قبلوا هذا الحديث ورضوه وتذهب لرجل واحد لتأخذ برأيه مع أنه إنما رده لما رأى في متنه من النكارة من وجهة نظره
طعنُ الإسماعيلي مستند إلى مخالفة المتن لصريح القرآن، ولم يمنعه وجود الحديث عند البخاري رحمه الله من انتقاده، إذ القرآنُ مقدَّمٌ قطعاً على ما عداه، فلا ينطق الرسول صلى الله عليه وسلّم بما يخالف قول ربه! ودفاع ابن حجر ليس بشيء، لأن الآية صريحة في تبرؤ إبراهيم من أبيه في الدنيا، فبأيّ حديثٍ بعد الله وآياته يؤمنون؟ سبحانك ربي!
¥