تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الاستاذ الأمين سنأتي إلى السند إن شاء الله لكن بعد معرفة إشكالات المتن، وأنا لست مع طرف دون آخر، ولكني أريد التحقيق العلمي الموضوعي فحسب، وإذا بالغ طالب العلم في التنقيب والبحث ووصل بعد ذلك إلى نتيجة ما فلا أظنه ملام على ما يتدين به، إلا أن يكون ليس أهلاً لذلك أو لم يعط البحث حقه.

أعود إلى سؤالي السابق عن المتن، وقبل ذلك أود منك أخي الكريم أحمد الأقطش الابتعاد عن المبالغة في التعبير، وأعني بذلك عدة عبارات منها؛

1 - قولك حفظك الله: "صريحُ القرآن أنه لا تداخل بين خلقهما"، وذلك اعتماداً منك على لفظة (ثم) لأنها كما يقول أهل العربية تفيد الترتيب مع التراخي، وهذا في الحقيقة ليس نصاً، وإنما هو الظاهر لأن النص ما لا يحتمل معنى آخر كما هو معلوم في علم الأصول، وإنما قلتُ بأن لفظة (ثم) ليست نصاً، لأنها كما تأتي كثيراً لترتيب الحكم فإنها تأتي أحياناً لمجرد العطف دون الترتيب، كما قرر ذلك غير واحد من أهل العربية، ومن ذلك قوله تعالى: {ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ثم آتينا موسى الكتاب تماما}، ومعلوم أن إيتاء الله الكتاب لموسى كان قبل توصيته لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها}، ومعلوم أن خلق حواء كان قبل خلق ذرية آدم، وقوله تعالى: {وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه} ومعلوم أن نفخ الروح في آدم كان قبل خلق السلالة، مما يدل على أن لفظة (ثم) في هذه الآيات لا تقتضي الترتيب، ومن مجيء (ثم) لغير الترتيب في كلام العرب قول الشاعر:

إن من ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده

ومعلوم أن السيادة كانت للجد ثم للأب ثم للابن، وليس العكس.

وكل ذلك فيه مناقشات إلا أن المقصود من إيراده البيان أن ما ذكر في الآيات ليس نصاً، وإنما هو ظاهر فقط.

2 - قولك حفظك الله بأن أيام خلق الأرض بأقواتها أربعة، وأن ذلك نص صريح لا يقبل الاجتهاد، بينما ظاهر النص القرآني أنها ستة، فإن الله قال: "خلق الأرض في يومين"، ثم قال: "وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام"، فهذه ستة أيام لخلق الأرض والأقوات والجبال، وما ذكرت حفظك الله من أنه نص إنما هو مجرد احتمال وليس هو ظاهر سياق القرآن، والله تعالى أعلم.

يتبع إن شاء الله ..

ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[12 - 07 - 09, 11:08 م]ـ

تابع لما سبق ...

3 - قولك حفظك الله: "لأن الدحو ليس بخلق ... " الخ، إن كان مرادك أنه ليس بمعنى الخلق الذي هو بداية تكوين الأرض فصحيح، وإن كان مرادك نفي كونه خلقاً أصلاً فلا إخاله صواباً، لأنه إذا لم يكن خلقاً فماذا يسمى، وقد قال عامة أهل التفسير وأهل اللغة بأن الدحو معناها البسط، والبسط خلق.

ثم إن البسط معناه المد، وقد جعله سبحانه وتعالى مقارناً لخلق الجبال في غير ما آية، منها قوله تعالى في سورتي الحجر وق: {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي}، وقوله تعالى في سورة الرعد: {وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي}.

وهذا القرن بين مد الأرض وخلق الجبال يبين لك أن إرساء الجبال وجعلها (أي خلقها) وإلقاءها كلها بمعنى واحد.

وأما القول بأن الدحي مفسر بقوله: {أخرج منها ماءها ومرعاها}، فليس بظاهر، إلا أن يقال بأن من مقتضيات الدحي إخراج الماء والمرعى، ولذلك قال الشيخ عطية محمد سالم في تكملة أضواء البيان (2/ 56) بعد ذكر كلام المفسرين: "فترى أن جميع المفسرين تقريباً متفقون على أن دحاها بمعنى بسطها، وقول ابن جرير وابن كثير: إن دحاها فسر بما بعده لا يتعارض مع البسط والتمهيد، كما قال أبو حيان: إنه ذَكَر لوازم التسكن إلى المعيشة عليها من إخراج مائها ومرعاها لأن بهما قوام الحياة".

قلت: ولا يدل قول ابن كثير في تفسيره بأن الدحو هو إخراج الماء والمرعى على أن هذا الإخراج ليس بخلق، بل سياق كلامه يدل على خلاف ذلك فإنه أراد بذلك أن يخرج دحو الأرض عن أن يكون هو المراد بخلقها الأول وتشكيل صورتها الأولى، وأن المراد به ما ورد في الآية الأخرى والتي فيها ذكر الأقوات، ولذلك قال كما في تفسيره (1/ 215): "وفي صحيح البخاري أن ابن عباس سئل عن هذا بعينه، فأجاب بأن الأرض خلقت قبل السماء وأن الأرض إنما دحيت بعد خلق السماء، وكذلك أجاب غير واحد من علماء التفسير قديما وحديثا، وقد قررنا ذلك في تفسير سورة النازعات".

وعليه فنفيك حفظك الله كون إرساء الجبال وإخراج المرعى والماء خلقاً ليس إلا مجرد احتمال، فضلاً عن أن يكون كما تقول: "وهذا صريحُ القرآن!!.

ثم إذا كان إخراج الماء والمرعى ليس خلقاً وتقدير الأقوات هو الخلق فقط فماذا يسمى الأول؟، وما الفرق بيه وبين الثاني؟، إن تكلف التفريق بينهما دون دليل يعتبر تحكماً لا سيما وعامة المفسرين على أن المقصود بقول الله تعالى: {أخرج منها ماءها ومرعاها} هو المقصود بقول الله تعالى: {وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام}، ولذلك جمعوا بين الآيات بما ذكره ابن عباس.

وعليه فالتفريق بين إخراج الماء والمرعى وبين تقدير الأقوات، بجعل الثاني هو الخلق دون الأول ليس إلا مجرد احتمال ضعيف، فضلاً عن أن يكون كما تقول: "وهذا مقطوعٌ به بنصّ كتاب الله!!! ".

يتبع غدا إن شاء الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير