أنَّهُ فِي ثَنَايَا تَقْرِيرِهِ بُطْلانَ حَدِيثِ «نِعْمَ الْمُذَكِّرُ السُّبْحَةُ» فِى «سِلْسِلَتِهِ الضَّعِيفَةِ» (1/ 112)، ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: «أنَّهُ مُخَالِفٌ لأَمْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ لِبَعْضِ النِّسْوِةِ «عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَلا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ التَّوحِيدَ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ». وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ وَحَسَّنَهَ النَّوَوِيُّ وَالْعَسْقَلانِيُّ» اهـ.
قُلْتُ: يَعْنِي مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي (كِتَابِ الصَّلاةِ / بَابُ التَّسْبِيحِ بِالْحَصَى /ح) قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ هَانِئِ بْنِ عُثْمَانَ الْجُهَنِيِّ عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ عَنْ يُسَيْرَةَ أَخْبَرَتْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالتَّقْدِيسِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ».
فَالأَلْبَانِيُّ هَاهُنَا يَعْتَمِدُ تَصْحِيحَ الْحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَالْعَسْقَلانِيُّ:
[1] وَحُمَيْضَةُ بِنْتُ يَاسِرٍ مَجْهُولَةٌ، لَمْ يَرْوِ عَنْهَا غَيْرُ ابْنِهَا هَانِئِ بْنِ عُثْمَانَ الْجُهَنِىِّ.
[2] وَحَدِيثُهَا فَرْدٌ غَرِيبٌ لَمْ يُتَابِعْهَا عَلَيْهِ أَحَدٌ.
[3] وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ «تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ» (1/ 746/8570) عَنْهَا: «مَقْبُولَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ».
[4] وَهَانِئُ بْنُ عُثْمَانَ الْجُهَنِيُّ هَذَا لَمْ يُوَثِّقُهُ غَيْرُ ابْنِ حِبَّانَ.
فَلِمَاذَا وَافَقَهُمُ الأَلْبَانِيُّ هَاهُنَا، وَخَالَفَ مَذْهَبَهُ فِى تَضْعِيفِ حَدِيثِ الْمَجْهُولاتِ وَالْمَقْبُولاتِ، وَعَدَمِ الاعْتِبَارِ بِتَوْثِيقِ ابْنِ حِبَّانَ إذَا تَفَرَّدَ؟!. وَلِمَاذَا لَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَنْ حُكَيْمَةَ آنِفَاً: «وَعِلَّتُهُ عِنْدِيَ حُمَيْضَةُ بِنْتُ يَاسِرٍ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمَشْهُورَةِ، وَلَمْ يُوَثِّقْهَا غَيْرُ ابْنِ حِبَّانَ، وَقَدْ نَبَّهْنَا مِرَارَاً عَلَى مَا فِى تَوْثِيقِهِ مِنَ التَّسَاهُلِ، وَلِهَذَا لَمْ يَعْتَمِدْهُ الْحَافِظُ، فَلَمْ يُوَثِّقْهَا، وَقَالَ فِى «التَّقْرِيبِ»: «مَقْبُولَةٌ» يَعْنِي عِنْدَ الْمُتَابَعَةِ، وَلَيْسَ لَهَا مُتَابِعٌ هَاهُنَا، فَحَدِيثُهَا ضَعِيفٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدِي»!.
وَهَذَا الْقُوْلِ لَيْسَ لَنَا، وَلا مِنْ مَذْهَبِنَا فِي جَرْحِ الْمَقْبُولاتِ، وَتَوْهِينَ أَخْبَارِهِنَّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ إِلْزَامِ الشَّيْخِ بِلازَمِ قَوْلِهِ، لِئَلا تَتَضَارَبَ أَحْكَامُهُ عَلَى الأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَإِلاَّ فَقَبُولُ رِوَايَةِ كُلٍّ مِنَ حُمَيْضَةَ وَحُكَيْمَةَ، وَاعْتِمَادِ تَوْثِيقِهِمَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ بِحَالٍ تُوجُبُ الْفَرْقَ فِي الْحُكْمِ.
وَمِنَ الإِفَادَةِ التَّوَسُّعُ فِي تَخْرِيْجِ حَدِيثِ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ:
فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ «الطَّبَقَاتُ الْكُبْرَى» (8/ 310)، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (2/ 160/7656 و6/ 53/29414 و7/ 168/35038)، وَأَحْمَدُ (6/ 370)، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ (1/ 199:198)، وَالدُّورِيُّ «تَارِيْخُ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ» (3/ 51/206)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ «الْمُنْتَخَبُ» (1570)، وَأَبُو دَاوُدَ (1501)، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ «الآحَادُ وَالْمَثَانِي» (6/ 73/3285)، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَبُو طَالِبٍ ابْنُ غَبْلانَ «الْغَيْلانِيَّاتُ»، وَالطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (25/ 74/180) و «الأَوْسَطُ» (5/ 182/5016) و «الدُّعَاءُ» (1663)، وَأَبُو نُعَيْمٍ «الْحِلْيَةُ» (2/ 68)، وَالْحَاكِمُ (1/ 547)، والبيهقِيُّ «الدَّعَوَاتُ الْكَبِيْرُ» (266)، وَالرَّافِعِيُّ «التَّدْوِينُ فِى
¥